Posted in مقالات وطنية

والد الشهيد عصام الخطيب – من المعتقل إلى دار العزاء …. رمز الثورة حضر إلى البيت

الدستور 18 / 11 / 1992

رفيق الخطيب ( 37 عاما ) يعتبر في نظر اجهزة الامن الاسرائيلية – وكما تقول صحيفة حداشوت – من ابرز زعماء حركة فتح في منطقة القدس ، وكان قد حكم عليه بالسجن المؤبد في عام1979 اثر اتهامة بمخالفات امنية خطيرة ضد ” اسرائيل ” بما في ذلك صلة مباشرة لعمليات عسكرية، وقد اطلق سراحه بعد مضي ست سنوات ضمن عملية تبادل الإسرى بين “اسرائيل ” والفلسطينين ومنذ انطلاقة الانتفاضة اعتقلته السلطات العسكرية عدة مرات اداريا وفي 1990 حكم عليه بالسجن 3 سنوات بتهمة قيادة حركة فتح في منطقة القدس .

في نظر الفلسطينين ، كما تقول الصيفة الاسرائيلية- يعتبر رفيق الخطيب ” رمز الثورة” يحظى بتقدير واحترام كافة افراد الفصائل الفلسطينية في المنطقة و يتمتع بنفوذ بالغ بين جمهور المعتقلين ولذا حرصت السلطات على سجنه معتزلا عن باقي المعتقلين الامنيين في سجن بئر السبع .

رفيق له تسعة اشقاء وجميعهم ادخلو السجن بتهمة الانتماء الى الفصائل الفلسطينية وارتكاب اعمال ضد “امن اسرائيل ” وقد هدمت السلطات العسكرية بيت العائلة في 1979 بعد اعتقال رفيق الذي تنحدر عائلته ( الخطيب) من اصل درزي.

الشهيد عصام الخطيب ( 18 عام) اعتقل هو الاخر بتهمة امنية وحدث ان كان مع والده رفيق في نفس السجن ، وقد ذكر شهود عيان في قرية الرام شمال القدس انه استشهد بنيران الجنود الاسرائيليين . شهود عيان قالوا لمراسل ” حداشوت” انه يوم السبت تاريخ 10/10/1992 جرت مظاهرة تضامنية مع المعتقلين الامنيين المضربين عن الطعام وقد وصلت الى المكان سيارة في داخلها خمسة جنود واخذوا يطلقون النار مما ادى الى اصابة عدة اشخاص بجروح بينهم عصام الخطيب . وقالوا شهود عيان ، عندما سقط عصام على الارض بعد اصابته بالرصاص اقتربو منه ودققوا في بطاقة هويته واسفسروا عن اسمه وبعد ان تأكدوا من هويته اطلقوا عدت رصاصات عليه من مسافة قصيرة ، وقد منع الجنود السكان من تقديم الاسعافات الطبية للشاب الجريح مدة طويلة ، في وقت لاحق نقل الى المستشفى في رام الله حيث توفي متأثرا بجراحه..

في يوم الجمعة – وبعد الاعلان عن استشهاد عصام اجرى المحاميان أحمد الصياد وزياد ابو زياد من جمعية ” منديلا ” لاجل المعتقليين الفلسطينين اتصالات مع وزير الشرطة موشيه شاحل تم من خلالها الاتفاق على السماح للمعتقل الامني رفيق الخطيب والد شهيد عصام بأن يحضر الى بيت العزاء في الرام ليكون الى جانب زوجته وافراد عائلته في محنتهم وقد وصفة السلطات الاسرائيلية ذلك بأنه بادرة حسن نية وان مصلحة السجون لم يسبق ان فعلت ذلك الا في حالات نادرة جدا واستثنائية للغاية.

تحية عسكرية .. وعناق وقبلات

وفي ساحة بيت العائلة في الرام نصبت خيمة كبيرة لتكون ” دار العزاء” وقد رفعت منذ ساعات الصباح اللافتات الوطنية لمختلف الفصائل بينها ” الفهد الاسود” كما رفعت اعلام فلسطينية كبيرة وصور الرئيس ياسر عرفات- والشهيد ابو جهاد الذي كان- حسب ما ذكرته مصادر فلسطينية – على اتصال مباشر مع العائلة.

في الساعة الثامنة صباحا من يوم الاحد الموافق 25/10/92 وصلت الى الرام سيارتان تابعتان لمصلحة السجون ترافقهما مجموعة من الجنود وافراد الفرق العسكرية الخاصة، وحسب الاتفاق الذي جرى مع المحاميين لم يتعرضوا للرشق بالحجارة.

رفيق الخطيب انزل من السيارة وهو مكبل اليدين والرجلين. ووسط مئات من انصار فتح الذين كانوا في انتظاره ومن حولهم اعلام فلسطين وصور ابو عمار نزع قائد فرقة مصلحة السجون الضابط ” سلومون كويزر” القيود من على يدي ورجلي رفيق الخطيب وهنا تعالت الهتافات بحياة رفيق ورفاقه المعتقلين وبالانتفاضة والثورة وقادتها..

ووقف رفيق الخطيب منتصبا. مرفوع الهامة. رغم كل المعاناة في زنزانات السجن يستقبل وفود المعزين باستشهاد نجله عصام- وقد حرص الجميع على معانقته وتقبيله . بينما ادى له بعضهم التحية العسكرية قبل ان يقبلوه ولم يتمالك الحضور انفسهم واجهشوا في البكاء عندما اقترب منه شقيقه الاصغر اشرف وعانقه طويلا وبحرارة.

وكان اللقاء المؤثر بشكل خاص حينما دخل رفيق دار العزاء للنساء وضابط مصلحة السجون يلازمه ليلقي بزوجته سهاد التي منذ ان ثكلت نجلها كانت تعيش ساعات عصيبة جدا ولم تقل سهاد كلمة واحدة ولكن الدموع والعناق الحار عبرت عن الحزنوالاسى اللذين يعصران قلب ام الشهيد .

بيت العائلة في الرام – احاطه افراد وحدة مختارة من المشاةتحسبا من أي طارئ ولكن الجميع حرصوا على الالتزام بالاتفاق مع الشرطة منعا من وقوع صدامات مع قوات الامن في الوقت الذي كان فيه رفيق الخطيب الساعات التي حددت له بين اهله ورفاقة يعزونه ويعزيهم. يواسونه ويواسيهم. بعد ان خرج رفيق من دار العزاء للنساء شوهدت على كتفيه الكوفية باللونين الاسود والابيض- كوفيه فتح- وبيده وردة حمراء وتقدم من الميكروفون ليلقي كلمة في جموع المعزين ( اليوم استشهد ابني ، وغدا قد يستشهد عزيز اخر . وحزننا على شهيدنا قد ينسى ولكننا سنواصل الدرب الذي اخترناه لانفسنا ) …

وفي الساعة الحادية عشرة واحدى واربعين دقيقة- وقبل الوقت المحدد لمغادرة والد الشهيد بيته باربع دقائق, اصطف الشباب على الجانبين وتقدم رفيق بينهم مرفوع الرأس من دار العزاء الى سيارة السجن، الى رفاقه معتقلي الحرية…

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter