Posted in مقالات زائرة

المؤتمر الدرزي عقد دون تحضير واختتم بلا نتائج

رغم تأخره 45 عاماً

المؤتمر الدرزي عقد دون تحضير واختتم بلا نتائج

التحرك .. أو اللقاء .. أو المؤتمر الدرزي الذي عقد في عمان هذا الأسبوع، فكرة جيدة من حيث المبدأ، مع أنه جاء متأخراً (45) عاماً، على تشريع الكنيست لقانون خدمة العلم، الذي يلزم أبناء الطائفتين الدرزية والشركسية الخدمة في الجيش الإسرائيلي، كما أن النداء الذي وجهه الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، من منطقة الحصباني في جنوب لبنان، هذه المنطقة التي تضم تجمعات كبيرة من أبناء الطائفة الدرزية العربية اللبنانية، إلى إخوانه الدروز العرب في إسرائيل، لحثهم على رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي، مطالباً إياهم بعدم الانخراط في هذا الجيش، بل أن يكونوا مع أمتهم وعروبتهم، هو تصريح و دعوة ايجابية، مع أنها جاءت متأخرة جدا أيضا.

من المعلوم أن أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، متساوون مع اليهود في استنزاف دمائهم في العمليات العسكرية ضد أبناء أمتهم، وغير متساوين مع اليهود في الحقوق، بل يعاملون كبقية العرب في إسرائيل بالتمييز ضدهم، وبمصادرة أراضيهم، وفي الموازنات الحكومية لقراهم.

ومع ترحيبنا بكل عمل أو نشاط بهذا المضمار، إلا أن لنا مآخذ كثيرة تتعلق بالتحضير لهذا المؤتمر أو لقاء عمان، الأمر الذي أدى إلى عدم مشاركة الشرائح الدرزية الرئيسية في إسرائيل، التي عملت وتعمل منذ عقود، وتناضل بكل الوسائل والأشكال، لإلغاء هذا القانون المفروض فرضاً على أبناء هذه الطائفة، كما أن دروز كل من سورية والأردن، يشاركوا في هذا المؤتمر أو اللقاء، لنفس الأسباب،ودليل على سوء التحضير، نجد الجواب في رفض كل من الشاعر سميح القاسم، رئيس تحرير جريدة ((كل العرب)) الحيفاوية، والشيخ جمال معدي، رئيس لجنة المبادرة الدرزية وهو الجسم الأساسي صاحب الباع الطويل، في مقاومة خدمة الدروز في الجيش الإسرائيلي والسيد محمد نفاع، رئيس تحرير جريدة الاتحاد الحيفاوية، وهو مناضل قديم في هذا الموضوع والمواضيع العربية الأخرى، وهؤلاء الثلاثة، رفضوا مجرد استلام الدعوة، ولهم أسبابهم.

إذا كان الهدف من هذا المؤتمر أو اللقاء، النضال من اجل إلغاء قانون خدمة العلم، بالنسبة للدروز في إسرائيل، والتمرد وعدم الانصياع لأوامر التجنيد، فان الدعوة يجب أن تأتي من خلال لجنة تحضيرية، تمثل دروز الداخل، وليس من قبل السيد جنبلاط، مع كل الاحترام لزعامته و لشخصه، وذلك لعدم إعطاء الفرصة للإسرائيليين، و الدروز في إسرائيل المؤيدين لخدمة العلم، باعتبار أن السيد جنبلاط يتدخل في شؤونهم الداخلية، ويقولون: هل إن أحداً منا تدخل في مصالحة دروز لبنان مع البطريرك صفير و طائفته، والتي أدت إلى تفاقم الخلاف بين جنبلاط و سورية؟ أم أن الهدف الحقيقي لجنبلاط من خلال دعوته المتأخرة، لدروز إسرائيل، لموازنة مواقفه القومية التي تأثرت مؤخراً في لبنان على خلفية خلافاته مع سورية؟ وفي المقابل فهل إن هدف النشطاء لهذا المؤتمر، من بين دروز إسرائيل يعرفون سلفاً أن تحقيق الهدف يحتاج إلى مشاركة واسعة لجميع القوى الدرزية في إسرائيل، وان تجاهلهم لهم يبعد فرصة تحقيق النتائج الايجابية، وأنهم مهتمون باستغلال نشاطهم لاهتمامات حزبية ضيقة؟

لقد سبق و أن أعلنت لجنة المبادرة الدرزية في إسرائيل عن عزمها عقد مؤتمر عربي تحت شعار عدم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، يضم الدروز و غير الدروز لدراسة الوسائل والسبل لوضع حد لهذه الخدمة، فإذا افترضنا بان أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل مرغمون على هذه الخدمة، قانونياً، فان أعداداً كبيرة من العرب البدو و المسيحيين، يخدمون تطوعاً في هذا الجيش، ومن خاطرهم، لكن خدمة العلم، لا تشكل كل المشكلة، بل إن الأهم هو الخدمة الدائمة في الجيش، للدروز وغير الدروز من العرب، بعد انتهاء فترة خدمة العلم القانونية، ويرجع سبب ذلك على الغالب ولا نبرره، على خلفية اقتصادية للإعتياش، وكأنهم جنود من المرتزقة في هذا الجيش، فسياسة التمييز العنصري، وعدم منح فرص العمل المتكافئة لغير اليهود، أوجدت طوابير من البطالة، وقد يكون ذلك مفتعلاً لإجبار هذه القوى البشرية على الخدمة العسكرية، و الزج بهم في أماكن الخطر في الأراضي الفلسطينية، فالمؤتمر أو لقاء عمان لم يتطرق إلى هذا الجانب الذي يشمل أغلبية الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي من دروز وعرب.

إن دعوة الوزير جنبلاط، لعقد مؤتمر عربي شامل لمناقشة القضية برمتها، واختصار مدة انعقاد هذا المؤتمر، وعدم مشاركة الشرائح الرئيسية من أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل المعارضة لهذه الخدمة، وعدم مشاركة تجمع بني معروف في الأردن الذين يعارضون بشدة خدمة إخوانهم في إسرائيل في الجيش الإسرائيلي في هذا المؤتمرـ يعني بان مؤتمر عمان أو لقاء عمان- لم يكن سوى خطوة أولى من اجل الوصول إلى سد الثغرات التي واجهها هذا المؤتمر، خاصة عدم توفر سكرتارية له لإعطاء المعلومات الكافية عن حجم خدمة العرب الدروز، وغير الدروز في الجيش الإسرائيلي أو غير ذلك من المعلومات.

وأخيراً- وكما هو الحال لدى الجنود اليهود الذين كان قسم كبير منهم يرفضون الخدمة في جنوب لبنان لأسباب ضميرية. وحاليا يرفض قسم منهم الخدمة في الأراضي الفلسطينية لنفس الأسباب، وتعرضوا للاعتقال والمثول أمام المحاكم العسكرية، فالأجدر بالجنود الدروز الذين يضطرون إلى هذه الخدمة، رفض أن تكون خدمتهم في الأراضي الفلسطينية، كخطوة أولى لإلغاء هذه الخدمة كليا، وهذا اضعف الإيمان كما ويرجى من مشايخ الطائفة الدرزية إصدار فتوى تحرم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ولمثل هذا التحريم أهمية بالغة المعنى والردع في آن واحد.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter