سنرجع مهما يمر الزمان
و تنأى المسافات ما بيننا
لم يكن طائر الفينيق يوما وهو يرزح تحت وطأة عمره الألفي حسب الأسطورة ليغيب عن ذهنه بأنه ذاهب إلى الموت . بل الموت يسعى إليه في حتمية عناق مرتقب وهو يجوب الأصقاع في تناوب جدلي لمسألة الحياة والموت، يأخذ من اعشاب الشرق العطرة يبنى عشه في طية غصن لشجرة وارفه، ذات صباح أتته شرارة قدرية أشعلته ،فعندما غابت الألسنة وخمدت الحياة وتراكم الرماد بقيت جمرة صغيرة في قلب الرماد تسللت منها شرارة خرج منها طائر فينيق جديد لا علم له بمواطن العذابات الغابرة ومحطاتها وديانها وروابيها وأشجارها وسهولها لكنه تعلم من جمر الرماد ورائحة الموت القريب كيف يكون الشوق والتوق إلى الحياة والعشق والأرض والشجر.
لم يكن الأحد 15/5/2011 يوما طبيعيا فالرهان كان بعد ثلاثة وستين عاما على النكبة ويوم النكبة قد مضى بعيدا وقد لملم جراحه وغادر باحثا في كل اتجاهات الأرض عن ملجأ للانتظار لغد أو بعد غد فذلك الجيل قد مضى أو ينتظر ، اما هذه أسراب الفينيق التي أحيت يوم الأحد عرسهـــــا
فغادرت إلى هناك ، إلى خلف الأسلاك الشائكة وحدائق الألغام وحدود الموت انطلقت لتعاقر العشق وتنثر الشوق قبلات للشمس والقمر والسحب والتراب وأحلام قادمة من الماضي همست بها أمسيات مقمرات حكايــــا
الجدات، زفرات وآهات لأيام موجعة عاقر فيها جيل فيها كــــــل
صنوف القهر والعذابات والتشريد والحبس والمطاردات و…
بعد ثلاثة وستين عاما تنبثق طيور الفينيق من جديد تتدافع ارتالا ارتالا
إلى حريتها والى أرضها وعرضها والى الحكايا النائحـــة.
تدافعت من كل أقطاب محيط الطوق وكان اللقاء حميميا حين وصلت طلائع العائدين إلى ذرى الجولان السوري المحتل ودخلوا إلى ساحة قرية مجدل شمس الصامدة الكاظمة على جرحها وغيظها فكان العناق سرمديا امتزج الدمع بأهازيج النصر وزغاريد الترحاب وبيارق خفقت تنشد للنصر وللعودة وللدولة القادمة .
لقد كانت وقائع حلم تجسد من وعاء السبات والنوم إلى أفاق المحسوس والملموس في ذاك اليوم الذي تماها فيه الحلم والتمني في الواقع والحاضر وكان ما كان من سيناريو للانتصار رسمته جحافل أسراب الفينيق ملحمة للتحدي تخيف أولئك القابعين على أرضنا وتقض مضاجعهم وتزعزع أركان الدولة المسخ وتنبئ من خرجوا ذات يوم حين عصف ذاك المشروع الصهيوني البغيض بأننا مهما بلغ الثمن وطال الزمن قادمون ….بل عائدون…عائدون….عائدون