Posted in مقالات وطنية

جنوب لبنان.. عزة وآباء

25 / 11 / 2002

امجاد عتيقة رابضة رايضة على شاطئ التاريخ وعلى أمواجه في مده وجزره. نسائم تتنفس عبقا ذاك التراث التليد, في ردهات ذاكرتنا الأبية صيحات الله أكبر تعتلي كل صولة وجولة.

لا ندلف بل نرتقي الى تلك القامة المنتصرة, تلك الهامة المحررة” الجنوب اللبناني”, ذاك الجنوب الذي قد احتوى الجهات الاربع وكل الجهات, والذي قد صفع السبات والتراجع والهزيمة, مر بعمورية والقدس وحطين ليأتي بسيف صلاح الدين ويمتشق النصر حجة لنصر تبعثه الارض والسماء ارادة, خيولاً , زنوداً سمراء.

وصلنا الجنوب العظيم, اكتحلت العيون بأرضه وسمائه. استعرضنا فصول الاباء في متحف التاريخ, فتلك الخافقات تهز سواريها بتدافع متتال تحدث عن مواقع لعمليات استشهادية على مدى الدرب او موقعة بطولية خلف هذا المنعطف او في ذاك المنحدر , وبوابة فاطمة ترنو الى تلك القمة حيث مزارع شعبا تتعطش الى غفوة في حضن الوطن , ومعتقل الخيام يشعرك انه قد هرولت للتو فلول الجلادين الصهاينة امام خطانا نحن الذين نلج ذاك المعتقل , الغرف الصغيرة والجدران الصامتة والممرات الكئيبة تخبرنا عن صرخات الزنازين الافرادية والجماعية , الرجال والنساء وتحت كل جنون التعذيب والقهر وغرف الكهرباء, صمود المناضلين الصابرين الصامدين , وبصفات المقهورين في وجه الصهاينة والخيانة والمتخاذلين الساقطين, وعندما تلحظ مرج الزهور , يهمس ذاك المرج رواية المهاجرين والانصار , وهذه المرة معمدة وممهورة بالدم والتحدي.

لبنان بمدنه وقراه ومخيماته, جباله وسهولة وشطآنه, اصبح بكل اقتدار مدرسة للكفاح وبوصلة للامل في زمن عز فيه الامل وخيمة تحتضن من طاردته الاعاصير  والنكبات يشد ازرهم ويربت على أكتافهم يقيناً بان انتفاضة الاقصى الباسلة باقية تقارع المشروع الصهيوني , تقدم قوافل الشهداء بسخاء من ينشد النصر بعد حين , والشعب العراقي لا زال يمارس الجوع , في حين ان المطبخ الامريكي ما زال يلوح بالضربة لكسر الارادة العربية والاستيلاء على منابع النفط, لكن الشعب سينتصر , واما سوريا فها هي تذكر الاعداء الصهاينة وصناع قرار محاسبة سوريا باننا اصحاب حق وان النصر ربيب الحق واننا امة تعشق الحرية, ولا بد لها ان تنتصر مهما كان الثمن وطال الزمن .

نقف اجلالا ً لارواح الشهداء الابرار, لمن قضى نحبه ومن ينتظر وما بدلوا تبديلا, والجنوب يشدو نشيد الوطن, نشيد الحرية, نشيد النصر , والنصر يعانق نصراً قبل عشرين عاما ويقبل على الراية أرزة بعثت الحرية من عتمة الهزيمة, وألفت ملاحقة الفلول ، كيف لا وبيروت مازال صمودها ملحمة للتاريخ هزمت كل الاشباح والخوف والعتمة, وهل نسينا ذيول خيبة قطعان المارنيز وآلة الدمار الامريكية التي ادبرت مخزية من شواطئ لبنان العظيم؟!

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

الحرية لعميد الاسرى سمير القنطار

الرأي 18 / 11 / 2002

في الاونة الاخيرة تصاعدت حدة التفاوض ما بين حزب الله اللبناني والدولة العبرية بشأن تبادل الاسرى على خلفية رفض الجانب الصهيوني الافراج عن عميد الاسرى اللبنانيين المناضل سمير القنطار امام إصرار حزب الله ان يكون اول قائمة الافراج.

ان تعنت الحكومة الصهيونية بعدم شمول سمير القنطار بالتفاوض هو جزء من سياسة الغطرسة التي مارستها وتمارسها اسرائيل على مدى امتداد القضية الفلسطينية ومنذ قيام دولة الاحتلال على انقاض العدالة في ابشع واغرب قوانين الغاب وسخرية العدالة ، وان شعبنا قد اعتاد على ما تفاجئنا وتطالعنا به دولة الاحتلال من غرائب وعجائب تفوق في اغراقها التصور والمنطق وابسط المنطق وابسط الشروط الانسانية ، وما كانت الاحكام التي صدرتبحق المناضل سمير القنطار قبل 25 عاماً الا واحدة من أبشع الاحكام التي صدرت عن دولة الاحتلال ضد المناضلين العرب، وما كان المناضل سمير القنطار الا واحدا من قوائم الشرف التي تقض مضاجع العدو لا لشئ الا لان هذه هي رموز الامة التي تمارس حقها الطبيعي في الدفاع عن حقها المسلوب وعن ارضها وعرضها.

ولد سمير القنطار في بلدة عبيه اللبنانية لاسرة درزية ولقد تميز منذ صغرة بالشجاعة والحماس وحب الوطن ، وقد اهتم ومنذ وقت مبكر من عمره بالحق العربي الذي جثمت عليه الاطماع الصهيونية ، تنامى هذا الشعور ابان الاجتياح الاسرائيلي الاول للبنان عام 1978 ، حيث شارك في التصدي والقتال ضد قوات الاحتلال في جنوب لبنان . كرد على الاجتياح الصهيوني وكانت ابرز العمليات التي قام بها ضد قوات الاحتلال هي عملية نهاريا في نيسان 1979 مع ثلاثة من رفاقه ، عبد المجيد اصلان ومهنا المؤيد واحمد الابرص ، وكان سمير قائد العملية برتبة ملازم في المقاومة الفلسطينية ، حيث كان هدف هذه العملية الوصول الى مستوطنة نهاريا واعتقال عدد من افراد الجيش الاسرائيلي لمبادلتهم بمعتقلين عرب في السجون الاسرائيلية.

ان الايمان بعدالة القضية وارادة النضال والتصدي قد استطاعت ان تخلق من عملية نهاريا عملية مميزة تظهر تفوق الحق على الترسانات مهما تعاظمت ، حيث اخترقت المجموعة حواجز الاسطول السادس الاميركي رغم الرادارات وحرس الشواطئ ، وكل الاحتياطات الاسرائيلية ونهاريا منطقة فيها اكبر حامية عسكرية اسرائيلية والكلية الحربية ومقر الشرطة وخفر مدفعية السواحل وشبكة الانذار البحري ومقر الزوارق العسكرية الاسرائيلية ولقد استبسلت المجموعة في هذه العملية وحصلت اشتباكات عنيفة مع الصهاينة الذين استنفروا وحدات كبيرة من الجيش فكانت نتائج العملية ستة قتلى بينهم عالم الذرة ” داني هاران ” واثنا عشر جريحا من بينهم قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية في الجيش الاسرائيلي الجنرال ” يوسف تساحور ” الذي صرح بعد عشر سنوات من العملية رغم اخفاء اسرائيل لخبر اصابته بانه ” لن ينسى وجه الفدائي الذي اصابه في صدره سمير القنطار ” اما افراد المجموعة البطلة فلقد استشهد منهم عبدالمجيد اصلان ومهنا المؤيد واعتقل سمير القنطار جريحا نازفا واحمد الابرص وفيما بعد اطلق سراح الابرص عام 1985م اثر عملية تبادل للاسرى ولا زال القنطار معتقلا منذ عام 1979م حيث كان عمره حين اعتقاله 16 عاما يقضي سنوات الحكم الجائر التي بلغت 542 عاماً ، اليوم في سجن نفحة في اقصى حكم عرفته القضية ومن دولة معادية وهذا ما تحرمه اتفاقيات جنيف لمعاملة اسرى الحرب.

لقد قاسى سمير القنطار الكثير طوال السنوات من صنوف التعذيب المتعددة والتي اصبحت تخلقها الاجهزة الاسرائيلية ببراعة حتى تستطيع ان تنفذ رغبات القادة الصهاينة ، ولقد حاول عازرا وايزمان واسحق شامير مع اخرين تطبيق حكم الاعدام على سمير القنطار ، ووافقت الحكومة بكامل اعضائها على ذلك لولا ان ذلك قد شكل حينها ازمة قانونية حيث ان القانون الاسرائيلي لا يسمح بالاعدام ، ولقد صرح بيغن بانه ” يفكر في انتقام من سمير القنطار لم يخترعه شيطان”.

اليوم وقد اشتدت المفاوضات بين المحتلين وحزب الله اللبناني فقد كان الاتفاق ان يشمل التبادل ” رجل الاعمال والعقيد السابق الحنان تنباوم الذي اختطفه حزب الله اللبناني وجثث العسكرين الثلاثة ولا تشمل الطيار الاسرائيلي رون اراد ” مقابل اكثر من 400 اسير من اكثر من دولة عربية وعشرات من رفات الشهداء ، ولقد صرح سلنيات شالوم بانه يستبعد كليا الافراج عن سمير القنطار قائلا ان لاسرائيل خطوطها الحمراء التي لا تتخطاها.

ان المناضل سمير القنطار الذي يعاني حاليا من مرض الربو ومن رصاصة لا تزال مستقرة في رئته اليمنى ولم يسمح حتى الان لذويه بزيارته منذ اعتقاله قبل 25عاما ويستحق بحق لقب عميد الاسرى اللبنانيين وسيبقى مرفوع الهامة وستبقى قامته اعلى شئ من الاقزام الجلادين ، ولقد صرح هذا المناضل قائلا ” انا لست نادما الا على شيء واحد هو انني منحت في العام 1979 شرف الدفاع عن امتي ولكني حرمت من فرصة الدفاع عن بيتي واهلي وارضي اثناء الاجتياح الاسرائيلي عام1982 ” .

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter