Posted in مقالات وطنية

كلمة ألقيت في خيمة عزاء سميح القاسم

بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور تيسير أبو عاصي
كلمة القيت في خيمة العزاء التي اقامتها بلدية الزرقاء بتاريخ 21/08/2014 يوم مواراة سميح القاسم التراب في الرامة:
السيدات و السادة الحضور الأكارم يا جماهير شعبنا الأبي.
نلتقي اليوم خاشعين في حضرة الموت لنودع فقيد العروبة، فقيد الأردن فقيد فلسطين قامة كرهت الموت في بلد بعيد، لكنها لم تخشاه لحظه فنقول:
سميح القاسم: علمتنا الإقدام في زمن الهزيمة، علمتنا كيف نعشق الأبجدية العربية ،و السماء العربية، و نفخر بالقامة العربيه، علمتنا كيف نرسم غصن الزيتون، و نرفع القبعة لكل أحرار الدنيا، أنت أيها الباقي، عشت منتصب القامه ، مضيت مرفوع الهامة، نشهد أنك كنت شجاعاً ، واجهت المرضين معاً ،الصهيونيه و السرطان، نشهد أنك انتصرت في كل المواجهات، فصوتك كان هو الأعلى ، و فكرك كان هو الأقدر، ضاقت عليك ضفاف الموت و عدو الشمس ، لكنك ابداً لم تساوم.
أيها الفقيد الكبير: يعز علينا رحيلك ، في زمن تتوق إليك ساحاتنا العربية، من فلسطين إلى سوريا الجريحة، إلى عراقنا النازف حتى المحيط ، تناديك فارساً مغواراً في غزة الصامدة الصابرة المنتصره، تذكرهم بأن لا تعدوا العشره و لا نعد العشرة ، تشد أزرها تحيي الحماسة فيها ، تردد خلفك:
تقدموا تقدموا
فكل سماء فوقكم جهنم
و كل أرض تحتكم جهنم
تقدمت ابواب جنين و نابلس
أتت نوافذُ القدس
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرم.
نتذكرك حين ترحل عيونُنا عبر خيوط سايكس بيكو الواهنة في مساحة الوطن الأكبر حين تقول:
للقدس صلباني و جلق شاهدي   و تهلل الفسطاط راح و جاؤوا
ودمي على الأردن ورد ذابل    فمتى يبل صدى ورودي الماء
عمـــان قابلتي و مهد طفولتي    ســــلط و حـــبل السرة الزرقاء
يا ابن الردى والشمس جرحك صيحة    و بحبر جرحك تكتب الأنباء
الشمس شمسك و العروس جميله     والعرس عرسك و الدم الحناء
عرفناك أيها المناضل الكبير مدافعاً صلباً عن الأرض و العرض و العروبة و حلم فلسطين ، عرفناك ثاقبَ النظره نهجُك و اضح المعالم ، لا تلتبس عليك الحقيقة، مهما ادلهمت العتمة، وتدافع المضللون ، لم تفقد الأمل للحظة في أحلك الظروف ، ثقتك بحتمية النصر لم تتزحزح،  تستمد عنفوانها من ثقتك بعدالة القضية، التي طَويتَ سنوات عمرِك دفاعا عنها و عن العروبة ، عن فلسطين ، عن حق العودة و تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف ، فكم رددت منشداً:
بنى المسيح على صخر كنيسته    ودولتي أنا أبنيها على حجر
فقيدنا الكبير: لقد نذرت سنيُ عمرِك العطرة في سبيل القضيه، و عملت مع كل المناضلين ، في كشف الأعيب الكيان العبري، منذ أن جثم على صدورنا و أحلامنا ، عملت مع كل الأحرار، على تأسيس لجنة البادرة العربية الدرزية، المناضلة في سبيل اسقاط مؤامرة الخدمة في جيش الاحتلال، الذي فُرض على الطائفة العربية الدرزية داخل الخط الأخضر
أما الزرقاء، فإنها لن تنسى ذاك العناقِ و اللقاءِ الحميمَ حين زرتنا عائدا إلى مسقط الرأس ، و لن تنسى شوقَك و توقَك وطرحَك لتفكير يؤسس لمبادرة الدينار من أهالي الزرقاء، تبعث الحياة في قصر شبيب التاريخي في حالة ثقافية مدروسه
ها أنت يا طائر الفينق تلتحق بنصفك الآخر ، تؤام الطفولة ، و الصبا و الكفاح و الحلم ، وقد ضقت ذرعا بفراقه و ما اعتدت فراقا عن فقيد الأمة الغائب الحاضر في ضميرها ووجدانها الشاعر الكبير محمود درويش ، الذي صرخ بوجه الانكسار و الموت، أن على الأرض ما يستحق الحياه ، هكذا يكتمل المشهد بعناق أبدي بعد أن أديتما الرسالةَ فلم يعد الحصان وحيداً ، و نحن بانتظار ارضنا المحررة، و سمائنا المحرره ،ودمائنا المحرره.
رحمك الله أيها الصديق الكبير، فقد عشت حاديا للثورة في كل البقاع ، وقد عرفَتك كل أحرار العالم مناضلاً و ملهما للنضال ضد الاستعمار بكل أشكاله، و مع كل قوى التحرر في نضالها ضد التفرقة العنصرية، و ضد الاستعمار، و التبعية و اشكال الاضطهاد ، و في سبيل تحقيق الحرية و الديمقراطية و تآخي الشعوب ، و تحقيق العدالة والسلام ، و احترامِ حقوق الانسان.
لقد دفعت الضريبة، في ملاحقتك و اعتقالك و محاربتك من ِقبل العدو الصهيوني ، و كافحت و عريت مشاريعه و أدواتة و دسائسة، و أسهمت بشعرك و نثرك و فكرك، في إعادة توجيه البوصلة باتجاه العدو المشترك، رغم كل المكائد و ماكنات التضليل.
ثمانون كتاباً ستبقى مكتبة وضاءة ، و منارة لتصحيح مسار النضال، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
رحمك الله أيها المناضل الباقي و إن رحل
رحمك الله يا قيثارة فلسطين، و منارة الأمة

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

قيثارة فلسطين والحرية والعدالة

نشرت في جريدة الرأي 2014/08/22 ، جريدة المجد 2014/08/25:
سميح القاسم: علمتنا الإقدام في زمن الهزيمة علمتنا كيف نعشق الأبجدية العربية و السماء العربية و نفخر بالقامة العربيه، علمتنا كيف نرسم غصن الزيتون و نرفع القبعة لكل أحرار الدنيا، أنت أيها الباقي عشت منتصب القامه و مضيت مرفوع الهامة، نشهد أنك كنت شجاعاً واجهت المرضين معاً العدو و السرطان، نشهد أنك انتصرت في كل المواجهات فصوتك كان هو الأعلى و فكرك كان هو الأقدر ضاقت عليك ضفاف الموت و عدو الشمس لكنك ابداً لم تساوم.
أيها الفقيد الكبير: يعز علينا رحيلك في زمن تتوق إليك، كل ساحاتنا العربية ، تناديك فارساً مغواراً في غزة الصامدة الصابرة المنتصره ، تشد أزرها تحيي الحماسة فيها و تردد خلفك تقدموا تقدموا ، فكل سماء فوقكم جهنم و كل أرض تحتكم جهنم، وتذكرهم بأن لا تعدوا العشره و لا نعد العشرة.
نتذكرك حين ترحل عيوننا عبر خيوط سايكس بيكو العنكبوتية في مساحة الوطن الأكبر
للقدس صلباني و جلق شاهدي   و تهلل الفسطاط راح و جاؤوا
ودمي على الأردن ورد ذابل    فمتى يبل صدى ورودي الماء
عمـــان قابلتي و مهد طفولتي    ســــلط و حـــبل السرة الزرقاء
و لطالما أنشدت في سوريا الحبيبة الجريحة بعدما وصلت إليها في نهاية القرن العشرين
ظمئ أنا يا شام   و أنت الكأس و الصهباء
عرفناك أيها المناضل الكبير مدافعاً صلباً عن الأرض و العرض و العروبة و حلم فلسطين ، عرفناك ثاقب النظره نهجك و اضح المعالم ، لا تلتبس عليك الحقيقة مهما ادلهمت العتمة وتدافع المضللون ، لم تفقد الأمل للحظة في أحلك الظروف ، ثقتك بحتمية النصر لم تتزحزح قيد انمله تستمد عنفوانها من ثقتك بعدالة القضية التي طويت سنوات عمرك دفاعا عنها و عن العروبة عن فلسطين عن حق العودة و تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف فكم رددت منشداً:
بنى المسيح على صخر كنيسته    ودولتي أنا أبنيها على حجر
رحمك الله أيها الصديق الكبير فقد عشت حاديا للثورة في كل بقاع الأرض ، وقد عرفتك كل أحرار العالم مناضلاً و ملهما للنضال ضد الاستعمار بكل أشكاله و مع كل قوى التحرر في العالم في نضالها ضد التفرقة العنصرية و ضد الاستعمار و التبعية و اشكال الاضطهاد و في سبيل تحقيق الحرية و الديمقراطية و تآخي الشعوب و تحقيق العدالة والسلام و احترامِ حقوق الانسان.
لقد دفعت الضريبة في ملاحقتك و اعتقالك و محاربتك من ِقبل العدو الصهيوني و كافحت و عريت مشاريعه و أدواتة و دسائسة و أسهمت بشعرك و نثرك و فكرك في إعادة توجيه البوصلة باتجاه العدو المشترك رغم كل المكائد و ماكنات التضليل.
ثمانون كتاباً ستبقى مكتبة وضاءة و منارة لتصحيح مسار النضال كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
رحمك الله أيها المناضل الباقي و إن رحل
رحمك الله يا قيثارة فلسطين و منارة الأمة

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

لهفــــي علــى سـوريــــا من ندم وعض أصابع

جريدة المجد 11/03/2013 ها قد شارفنا على نهايات العام الثاني لأحداث سـوريــــا و لا زالت الدماء الطاهرة تهدر بلا ثمن و تسفك بالمجان ، و مازال القتل البارد يجترح في أزقتها و على جنباتها ، وها هي المودة والرحمة توئد جهاراً نهاراً ، أما نحن فلقد ألفنا الحزنَ و اليأسَ وماكنة الأرقام تعمل بحقد ، تطوي الأحبة من كل البقاع بأرقام يعتادها السمع ، هكذا أصبح شبح الموت يلامس أطراف الوطن ورائحة القبور و العفن تلف القرى و المدن و الفضاء والطرقات.

هذه سـوريــــا ، قد فرغ التاريخ من بناء مداميكها الأخيرة ، رسم المجد لها أجمل لوحات الياسمين وقامات الحور و دفق الخابور والعاصي و الفراتَ و بردى ، الله أكبر تصدح بها مئذنة بني أمية وناقوس يدق رجعاً للصدى الآرامي في معلولا ، شموخ قاسيون وعناد قلاعها وأرضها وحدودها ونقاء عرضها ، دونت الكرامة اساطيراً منذ فجر التاريخ أبجديةً وحضارةً ومهداً للإنسانية و خيمة للملهوف و موئلاً للأحرار ومدرسة لكظم الغيظ و حصناً لدفع الظلم، نثر الجمال روعته اخضرارا ،ً زنبقا ً، دحنونا ،ً زقزقهً ، تغريداً ، حفيفاً و خريراً ، قدوداً و ترويدة لمال الشام ، عباءةً صوفيه ينثرها المعري وابن عربي ، بحور الشعر يحمل صدرها الحمداني إلى عجزها في عشق القباني، وحياضاً يذود عنها سيفها المسلول خالد يرفع بيرقاً في ساح الوغى تقتفيه خيولٌ مطهمة من الغوطة والسويداء وحلب وحماه وكل بقاع الحبيبة.

لهفي عليك سـوريــــا ، يا قلب العروبة الذي ما زال رغم كل الأنواء نابضاً ، لهفي على ملاذٍ اسكن واطعم والبس وحضن وأغاث وحمى كل من جارت عليه أوطانه و الآن يلثم جرحه ولم يتنكر لجراح من عزت عليه بقاع الأرض ، حملنا ألمنا الأبدي في فلسطين ، وأعيانا الجرح النازف في العراق، و ها أنت يا حبيبة أنينك يمزقنا ، يدمي القلب فينا، ويقتل أحلامنا، وتحتشد خناجر وأنصال طواغيت الأرض على أوداجك وعلى بريق الحياة في بساتينك وزيتونك وربوتك، قامة الجزيرة وشموخ الريان وبياض المحالج وتلك القلعة الأبية في حلب تتسامى اختيالاً وفيها التاريخ يمكث يرقب الذوق و الشعر و التقنية و صخب الحياة في أسواق حلب العتيقة وحديقة غناء يهلل فيها شيخ الحديقة أبو فراس الحمداني بكل الأنظار القادمة من كل جهات الأرض.

وااكل الشرفاء في سـوريــــا الحبيبة ، واكل من ضحوا ذوداً عن حياضها ، واكل من مضوا مضي الخالدين ، واكل من بقوا بقاء السنديان ، ماذا أخبركم عن سـوريــــا ، عن تلك العروس ، ماذا حل بحلمها وطرحتها و فرحتها ، وانتظارها طويلاً للزفة الدمشقية ورنين الذهب في زنديها ودبكة شيخانيه ، ورقصة ستي و زغرودة ، أخبركم كيف اقتتل الإخوة على لثمها و عناقها ، فعانقها النعيق و الغربان ،الدم و القتل ، الدمار والقنابل و نحيب الشجر و الحجر يستغيث مردداً قول الشاعر: ( لا تقتل قلبي مرتين على الأثر)

الأحبة في سـوريــــا الحبيبة: باسم الله وباسم العروبة وباسم سـوريــــا الحضارة والمجد و التاريخ نناشدكم بالتوقف عن تدمير سـوريــــا وقتل سـوريــــا و أن ترموا السلاح بعد مضي حوالي السنتين وان تنتبهوا بعد كل ذلك بأنها سـوريــــا  هي سـوريــــا ، هنا سوريا ، هنا المجد و التاريخ و العشق و العاصمة الأولى، هي الأم الحانية و الحضن الدافئ من وعثاء الرحيل، هي الباقية و كلكم ماضون ، هي سـوريــــا أمكم تناشدكم بعاطفة الأم و معاناة حملها ومخاضها وولادتها وسهرها و تسامحها: كفى قهراً وقهراً وقهراً ، تستحق هي بعد كل ذلك الجحيم والإرتكابات الشيطانية أن تعودوا و تفكروا فيها مرة واحدة قبل أن يأتي زمن لا ينفع فيه ندم ولا عض أصابع.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

فلسطين دولة الحلم

29/11/2012

يحق للجماهير العربية أن تحتفي بقرار المجتمع الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين كيفما كانت صيغة ذلك الاعتراف ؛ فلقد كانت مسيرة النضال التي عاشها الشعب الفلسطيني ولا زال مسيرة طويلة تخللها العديد من تناوب النجاحات و الإخفاقات ، لكنه الأمل لم تبدده الآلام و المستوطنات وجيش الدفاع و الموساد و الجدار العنصري و ظلام السجون وآلات القتل وكل المؤامرات ، هو محدد المعالم و التضاريس فهو قدر قادم بحتمية الحق وإرادة الخلق ومقدرة وعد ل الخالق

هذه فلسطين وهذه أرضنا وذلك عرضنا و تاريخنا و عشقنا  فالقلوب فطرها الاحتلال خلف  الأسلاك الشائكة ، الروابي و السهول و القدس الشريف ما زالت واقفة على الأفق ترسل عيونها ابتهالاً تنشد من كان طفلاً يدرج في مرابعها تنتظر عودته مارداً بذاكرته التي تجسدت أملاً بالعودة وتقرير المصير و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف

ها هي احدى المفاصل الحتمية للنضال الفلسطيني : الدولة الفلسطينية بلحمها ودمها و حدودها و علمها و ترابها و نشيدها الوطني بدأت ملامح النصر و ملامح الحق تتبدى أكثر وضوحاً وهي قادمة رغم كل الصهاينة فرداً فرداً ورغم كل المكائد واحده اثر أخرى

ما أن صفقت الأمة لدولة فلسطين حتى انتصبت راية المجد راية فلسطين و صدحت الدنيا بالنشيد الوطني الفلسطيني و ارتال الشهداء تزحف نحو دولتها و ها هو هارون هاشم رشيد يبعث الأمل في كل استراحة محارب و في كل كبوة:

سنرجـع يومــاً إلى حيـنـا         ونغرق في دافئات المنى

سنرجع مهما يمر الزمان         وتنأى المسافات ما بينـنا

و أبو سلمى عبد الكريم الكرمي ينبئنا:

غـــــداً ســنعــود والأجيال تصــغي       إلى وقع الخـطى عــند الإيـاب

نعـــــود مـــع العواصــف داويــات       مـع البرق المقدس و الشـهـاب

مع الأمــــل المجنـــح والأغــــانــي       مع النســــر المحلق والعقـاب

مع الفجر الضحوك على الصحاري       نعود مع الصــباح على العباب

مع الرايـات داميـــة الحـــواشـــــي       على وهج الأســــنة والحـراب

ونحــــن الــــثـائريــن بكـــل أرض       ســـنصهر باللظى نير الرقـاب

تــذيـب الـــقـلـــب رنـــة كل قــيــد        ويجرح في الجوانـــح كل ناب

أجل !.. سـتــعود آلاف الضـحـايــا         ضحايــا الظلم تفتح كل بـــاب

وها هو سميح القاسم يؤكد

بنى المسيح على صخر كنيسته     ودولتي أنا ابنيها على حجر

وعلى حجر تلو حجر يبني شعب الجبارين كما كان الختيار يجنح إلى التسمية يبنون دولة طيور الفينيق ، الآن أصبح حلمنا الجميل الذي طال انتظاره أكثر إشراقاً و أكثر وضوحاً و أكثر قرباً فمهما طال الزمان وبعد المكان لا بد أن غدنا لناظرنه قريب… وكل غدٍ لناظره قريب.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

حوارنا حول أحداث سوريا

26حزيران 2011  وكالة أنباء أجبد اخباري

28حزيران 2011  ميثاق الأحرار العرب الدروز


مازالت تداعيات الجدل بين النقابات المهنية حول معرض الصور ( سوريا دماء نازفة) والذي أقامته نقابة المهندسين الزراعيين مؤخراً قائماً ومن ضمن هذه التداعيات  المقابلة الحوارية التي أقيمت على محطة جوسات  الفضائية.

بداية نترحم على دماء الشهداء الذين لم يسقطوا بل ارتقوا أحياءً عند ربهم يرزقون   نتيجة أحداث مؤسفة ألمت بنا أقضت مضاجعنا وأصابت منا القلب والقلب سوريا ، نترحم عليهم وعلى شهداء الأمة العربية جمعاء.

لا شك أن ما يجري في سوريا من أحداث مؤلمة هو مؤسف للغاية  ولعل الأكثر إيلاما وما يزيدنا أساً وحزناً هو ذاك الدم الغالي الذي أريق خلال الثلاثة أشهر المنصرمة . وكيف لا نحزن وقد أدمانا الحدث ليس بفعل المشاعر القومية فحسب ولكن أيضاً  بفعل التداخل غير المسبوق بين الشعبين الأردني والسوري فمن منا ليس له قريب من درجات مختلفة  أو صديق أو نسيب أو ذكرى أو نظرة سافرت ذات يوم تبحث عن مجد وعزة وكرامة وتاريخ وعلم وحضارة .

رغم كل جسامة الحدث وكل المشاعر الجياشة اتجاه ذلك الحدث إلا أن ذلك يجب ألا يفقدنا بوصلة الحقيقة في أن التعامل مع هذا الحدث على جسامته إنما هو يجري في دولة شقيقة لها سيادتها وهي قادرة على أن تخرج من أزمتها وافرة العزة أكثر قوة تتجسد لوحة مشرقة تطوي الأيام الثقيلة وتخرج من المحنة أكثر جسارة على ولوج المستقبل بمنعة ومناعة مقتدره.

استوعب تماما في أن نتحاور ونتفق ونختلف في قضايا داخلية تخص الوطن أو في جزئية حول القضية الفلسطينية القضية المركزية للأمة العربية ولكن أن نختلف حول قضية داخلية سورية وننقسم إلى فريقين نقوّل بعضنا ما لم نقله ويقودنا الحوار إلى منزلقات غير حقيقية فالكل وليست جهة دون أخرى يستنكر إراقة الدماء والكل يدين العنف وليس المطلوب أن نختلف ونتغالب في سبيل خلق رأي عام في هذا الشأن . مع وعينا تماماً وقناعتنا بان سوريا دولة حساسة في موقعها الجغرافي والسياسي وان الشريان والعصب الذين يتخللان الجسد السوري يمتدان طولاً وعرضاً في عمق الشرق العربي تحديداً والمنطقة بشكل عام والأحداث في سوريا والطامعين في سوريا يتربصون شراً ليس بسوريا فحسب ولكن بالمنطقة وبأي ممانعة لرسم شرق أوسط جديد وأية مشاريع استعماريه وعلى رأسها المشروع الصهيوني.

احترام السياسة الخارجية السورية نقطة التقاء لدى غالبية الطيف السياسي الأردني أن لم يكن جميعه وأما السياسة الداخلية فهي في حالة عصف داخلي سوري وحراك سيتمخض عن غد أجمل وأما نحن فأواصرنا مع الأهل في سوريا هي أواصر عتيدة ووجداننا متماهٍ إلى حد بعيد لكننا نثق بقدرة سوريا في تخطي ألازمة وعلينا نحن أن نعظم من شان أي مبادرة أو تسوية حقيقية مرضية  مرتقبة وأن ننطق بأي كلمة طيبة ممكنة تسهم في إيجاد مخرج وان ندعو بان تستقر البلاد وتهدأ نفوس العباد.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

انبعاث الفينيق الفلسطيني

جريدة الرأي 21.5.2011

حسن حجازي الفلسطيني المقيم في سوريا لم ينتظر تأشيرة دخول ولم يستأذن الغزاة أن يمدوا له يد العون فيسمحوا له بزيارة يافا موطن الآباء و الأجداد الذين خرجوا ذات يوم ضاقت كل بقاع الدنيا على مشروع جهنمي وشاءت أقدارنا إلا أن نكون نحن الضحية، فأتت شياطين الدنيا لتبني دولتها على أرضنا , ومنذ ذلك الزمن الرديء إلى هذا الزمن الرديء بقيت تلك الليلة العاصفة السوداء و الأوراق الخريفية وذاك النعيق يضج بها نفق الذاكرة يذكرنا بأننا خرجنا ذات يوم حتى تهدأ العاصفة ذات حين أو بعد حين يتنفس فيه سعدنا وصبحنا وربيعنا فإننا:

سنرجع مهما يمر الزمان

و تنأى المسافات ما بيننا

لم يكن طائر الفينيق يوما وهو يرزح تحت وطأة عمره الألفي حسب الأسطورة ليغيب عن ذهنه بأنه ذاهب إلى الموت . بل الموت يسعى إليه في حتمية عناق مرتقب وهو يجوب الأصقاع في تناوب جدلي لمسألة الحياة والموت، يأخذ من اعشاب الشرق العطرة يبنى عشه في طية غصن لشجرة وارفه، ذات صباح أتته شرارة قدرية أشعلته ،فعندما غابت الألسنة وخمدت الحياة وتراكم الرماد بقيت جمرة صغيرة في قلب الرماد تسللت منها شرارة خرج منها طائر فينيق جديد لا علم له بمواطن العذابات الغابرة ومحطاتها وديانها وروابيها وأشجارها وسهولها لكنه تعلم من جمر الرماد ورائحة الموت القريب كيف يكون الشوق والتوق إلى الحياة والعشق والأرض والشجر.

لم يكن الأحد 15/5/2011 يوما طبيعيا فالرهان كان بعد ثلاثة وستين عاما على النكبة ويوم النكبة قد مضى بعيدا وقد لملم جراحه وغادر باحثا في كل اتجاهات الأرض عن ملجأ للانتظار لغد أو بعد غد فذلك الجيل قد مضى أو ينتظر ، اما هذه أسراب الفينيق التي أحيت يوم الأحد عرسهـــــا

فغادرت إلى هناك ، إلى خلف الأسلاك الشائكة وحدائق الألغام وحدود الموت انطلقت لتعاقر العشق وتنثر الشوق قبلات للشمس والقمر والسحب والتراب وأحلام قادمة من الماضي همست بها أمسيات مقمرات حكايــــا

الجدات، زفرات وآهات لأيام موجعة عاقر فيها جيل فيها كــــــل

صنوف القهر والعذابات والتشريد والحبس والمطاردات و…

بعد ثلاثة وستين عاما تنبثق طيور الفينيق من جديد تتدافع ارتالا ارتالا

إلى حريتها والى أرضها وعرضها والى الحكايا النائحـــة.

تدافعت من كل أقطاب محيط الطوق وكان اللقاء حميميا حين وصلت طلائع العائدين إلى ذرى الجولان السوري المحتل ودخلوا إلى ساحة قرية مجدل شمس الصامدة الكاظمة على جرحها وغيظها فكان العناق سرمديا امتزج الدمع بأهازيج النصر وزغاريد الترحاب وبيارق خفقت تنشد للنصر وللعودة وللدولة القادمة .

لقد كانت وقائع حلم تجسد من وعاء السبات والنوم إلى أفاق المحسوس والملموس في ذاك اليوم الذي تماها فيه الحلم والتمني في الواقع والحاضر وكان ما كان من سيناريو للانتصار رسمته جحافل أسراب الفينيق ملحمة للتحدي تخيف أولئك القابعين على أرضنا وتقض مضاجعهم وتزعزع أركان الدولة المسخ وتنبئ من خرجوا ذات يوم حين عصف ذاك المشروع الصهيوني البغيض بأننا مهما بلغ الثمن وطال الزمن قادمون ….بل عائدون…عائدون….عائدون

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

مطلوب مبادرات لحقن الدم السوري

د. تيسير أبو عاصي

بداية وفي كل حين نقف خاشعين في حضرة أرواح الشهداء نترحم عليهم ،هؤلاء الشهداء الذين سقطوا  في الوطن العربي عامة وفي سوريا مدار البحث بشكل خاص والذين ارووا بدمائهم ذاك الثرى الطيب الذي لطالما عرف دم الثوار طالبي الحرية فهو ذات الدم الذي أنشدناه مع احمد شوقي في غرة القرن العشرين:

دم الثوار تعرفه فرنسا                وتعرف انه نور وحق

نعم لقد خرجت فرنسا بفعل ذاك الدم وتلك الشهادات وأصبحت سوريا تقلب صفحات التاريخ مختالة بتجليات مجد ووجود، سيوف عزة وإباء وشمم ، أبواب عتيدة تصد الغزاة عن قلب دمشق النابض ومنها تسافر القلوب في كل الاتجاهات تقرأ العزة من قاسيون وغرة الشهباء في قلعتها وسيف حمص في خالدها وفيليب العربي وعبق التاريخ ترتديه هامة السويداء عمامة و صلاح الدين يحضن بقاع سوريا عربه وكرده ، وحضن أمية دفء غفوة لبردى والفرات يهدر باسم الله نصر ومنه فتح قريب والخابور يطير طربا وفرحا ، بحاضرة التاريخ سوريا والعاصي ينشد بنشوة إيقاع على رتم أغنية لناعورة تنام على عنينها عاشقة في حماه.

وأما درعا النازفة فزغاريد وأهازيج على حدى قوافل الاباه وصهيل خيلها.

هذه سوريا الوطن الذي ذادت دونه الأرواح والمهج ، الأطرش وهنانو والعظم والخراط والعلي قد سطروا الملاحم في تلك الربوع ليعلو النشيد ويندحر الغزاة ويرضع جيل حين يولد حب الوطن عربيا رقراقا صافيا ناصعا .

هذه سوريا التي أحببنا وعشقنا، لكم أخذتنا الأنظار إليها منارة علم وقبلة نظار وعمق عروبة وقلعة ممانعة وضمانة توازنات محلية و إقليمية معقدة

وبعد: فهذه شام الجرح والملاذ والعروبة وهذه الحالة السورية حيث أدمت القلوب تلك الأخبار التي تتراكض إلينا حزينة نتلقفها مجهشين فحزنها يحزننا وانكسارها يقض مضاجعنا واضطرابها يقلقنا ويربك استقرارنا وليس لنا ولها إلا أن نعلي النشيد أكثر فأكثر فهذه سوريا تستحق أن تقف كل الجماهير العربية وكل الجماهير المحبة للسلام وكل القوى والأطر مكونات المجتمع المدني التدخل بأوراق عمل ومبادرات لإزالة أي حاجز يحول دون اللقاء ودون الحوار الوطني الحقيقي الذي يجب أن يؤمه الجميع فالكل معني بوقف هدر الدماء وأظنها لغة الحوار الوطني الحقيقي في المتناول وليست مستحيلة ما بين أطراف المعادلة في سوريا الحبيبة وأظن اصطفاف الجماهير السورية خلف قيادتهم أمر حتمي بشهادة التاريخ و المصير لأن العروبة هي خيار سوريا و الممانعة هي خيار سوريا ومعقل النضال هو خيار سوريا ، الذي سطره الشعب السوري عبر سنوات النضال قيادةًً وشعباً ، وعلى هذه القلعة و الصخرة العتيدة ستتكسر كافة محاولات النيل من عروبة سوريا و ممانعتها و عزتها لتخرج من هذه الأزمة وتزول السحابة البغيضة بهمة الوفاء والأوفياء.

هي دعوة واستنهاض وبشكل خاص لمبادرات شعبيه أردنيه تدعو لها التنظيمات الحزبية الأردنية وهي التي تحتفظ بعلاقات احترام متبادل مع السلطات السورية والشعب السوري وذلك لا يعتبر تدخلا في شؤون داخليه ، بل واجباً قومياً يقتضيه موقع الأخوة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

محكمة أمن الدولة والسؤال القائــــــم

جريدة الراي 5/4/2011

محكمة أمن الدولة والسؤال القائم

يسود الحديث في ربيعنا هذا العديد من القضايا التي تهم الشعب الأردني لأنها لها تأثير مباشر على حياته اليومية ومستقبله ومستوى معيشته والإمكانات المتاحة من تعليم وصحة وغذاء وثقافة وأدوات إنتاج وعلاقات إنتاج بما يؤمن مواكبة العصر وتأدية الرسالة الإنسانية للشعوب.

إن تلك القضايا الهامة التي يجري الحديث عنها وتأطيرها كشعارات للحراك السياسي التي تلتئم عليها ألوان الطيف السياسي الأردني و تتسع للأكثرية غير المؤطره سياسيا التي اكتشفت البوصلة بعد أن كلّ صبرها انتظارا للقادم الذي يحمل في جعبته الحل للفقر والبطالة والغلاء والفساد والمحسوبية والمديونية ومخالفة الدستور و……….

لقد بات الشعب يدرك أن تراكم هذه الأمراض هي نتاج نهج عبر عقود حيث كانت هي السمة القائمة رغم متتالية الحكومات المتعاقبة التي لم تغير من عنوان النهج إنما كرسته مسلكا استشرت فيه الأمراض الاجتماعية والسياسية وتجسدت واقعا ومؤسسة ورموزا كونت منظومة تتسلل وترتكز وتخلف ثقافة وتقاليدا تنظـّر للواقع لتخلق منه تبريرات تستخف بتفكير البشر ومن خلال تلك التبريرات غير المنطقية تعبر لتبيع كل شيء في سبيل بقائها ومصالحها فمن يبيع معاملة في سبيل مصلحته بذات المنطق هو جاهز لبيع الشجر والحجر والأرض والعرض وإدخال كل شياطين الدنيا بذات المبرر.

ليس بقلم السياسي أو الحقوقي بل بمنطق المواطن الذي يتأذى في كل حين يتأذى فيه هذا الوطن أو احد أبناء هذا الوطن أقول إن الشعب الأردني لطالما أشار إلى الفساد والمفسدين الذين أعاثوا ويعيثون فسادا في هذا البلد محدود الإمكانات فمنذ أن كانت الأحزاب تعمل تحت الأرض ما قبل 1989 وحتى الآن ناضل الشعب الأردني وما زال في سبيل ملاحقة ومحاربة من يمتص دم الشعب . وهذه الانحرافات السياسية ما كانت وليدة هذا اليوم بل موجودة منذ عقود تنبئ بخلل في أداء السلطات الثلاث حيث لا يمكن أن تستقيم سلطة منها دون أن تستوفي مسوغات استقامتها فلا سلطة تنفيذية صحيحة دون رقابة صحيحة ولا سلطة تشريعية صحيحة دون قانون انتخاب صحيح يضمن الفكر والرأي والشفافية ولعلها أدق سلطة وأهمها هي السلطة القضائية لأهمية العدل في إحقاق الحق وبقاء الحكم ولعله أيضا استقلال هذه السلطة عن السلطة التنفيذية دون أي شبهة في ذلك هو ما يعطيها مقومات العدل والمساواة وبالتالي الثبات والمقدرة والاحترام.

يقودنا هذا الحديث إلى تساؤلات كبيرة :1) وهو أنه لطالما أن قضايا الفساد الإداري قد نهشت البلاد والعباد ولا احد يزاود على أخر في الرغبة الجامحة في كشف رموز الفساد والضرب بيد من حديد على من أنهك الوطن واستنزف خيراته.

لماذا ما زال الإصرار على التسويف في البت في تلك القضايا.

2)لماذا نترك المجال للقلق الشعبي وعدم الاطمئنان لصدق النوايا و الخطوات الحكومية في متابعة هذه القضايا والاكتفاء بتصريح هنا وهناك عبر الإعلام مما يخلق أجواء غير صحية لا من ناحية طمأنة الشعب ولا من ناحية سير القضاء دون تأثير رأي عام متأثر بتصريحات الحكومة الموجهة.

3)أليس من الضروري الأخذ بعين الاعتبار الأيادي الخفية التي تعمل في العتمة في سبيل وضع المؤسسات الوطنية الناجحة في صورة أنها تداعت وضعفت للانقضاض عليها وشرائها بأبخس الأثمان من قبل ذات الأيادي الخفية.

4)طالما وان الأحكام العرفية كانت في هذا البلد منذ عام 1959 حين كان المبرر إن الأردن يواجه ظروفا سياسية غير مستقرة وفي حالة عداء وحرب مع الكيان الصهيوني ودولته العبرية فكانت محكمة امن الدولة ، أليس من أوائل الإجراءات الواجب اتخاذها منذ عام 1989 حين أوقف العمل بالأحكام العرفية إلغاء محكمة امن الدولة ، أو ليس أيضا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن ، حكومة وشعبا أن يوقف العمل بمحكمة امن الدولة بحيث تكشف الحقائق كاملة بمحاكمات علنية للقضايا التي تمس الوطن أمنه واقتصاده في محاكم مدنية لان بالحقيقة فقط يطمئن الشعب ولا ترضيه أنصاف الحقائق ولا يرضيه أن يظلم مواطن يقدم قربانا ويكون عقابه شهادة حسن سلوك لأياد مقترفة مختبئة خلف جنبات الحقيقة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

دون كيـــشـــــوت

20.3.2011

لقد أضحى شتاء هذا العام زاخراً بالأحداث التاريخية أو بالحدث التاريخي الذي بدأ ما بعد محمد البوعزيزي الصفعة التي شكلت الرافعة الحقيقية التي أججت الحراك الشعبي في الدول العربية بعد سبات طويل عملت الأنظمة على تغييب شعوبها عن الساحة السياسية أو خلق حالة من المشاركة الشعبية الصورية لتزيين المشهد القطري بتقليده بألوان من الزينة التي تواكب العصر بمقادير محسوبة و محدودة ومشلولة غير فاعلة من المشاركة والديمقراطية والحرية.

نعم لقد شهدنا منذ بداية هذا العام استعادة حقيقية لإرادة الشعب في تتاليات رشيقة من قطر إلى آخر ، وكان ما كان ليس فقط في الإطاحة بالأنظمة التي سقطت أو على طريق السقوط ، ولكن الأهم من ذلك هو إثبات صحة وصدق نبض الشارع ، وصدى الشارع ، فلقد كان و لسنوات طويلة تشيع الأنظمة العربية شائعات عملت على تحويلها إلى ثقافة حاولت أن تسود على أنها ثقافة شعب وثقافة وطن ، فعندما كان الشعب يناضل بأشكال النضال المختلفة ويتحدث بأدبياته عن الحريات العامة وعن حق المواطن الدستوري في التفكير و التعبير و التنظيم والسفر … وعن الفساد و الترهل و عن الاستئثار بالسلطة و عن عدم الاستقلال في السلطات و عن توصيات صندوق النقد الدولي وعن الغلاء والتبعية… الخ كانت الأنظمة تستسهل اللجوء إلى ثقافة الابتعاد عن السياسة تارة بالترغيب و طوراً بالترهيب المتعدد من ملاحقة وسجن وتعذيب ومنع من السفر و ملاحقة لقوت الشعب ، بقوانين طوارئ طارئة متعددة الأشكال ولكن بمحتوى واحد.

إن الربيع القادم ترقبه الشعوب مشدودة الأحداق نحو نضوج التجربة متحفزة متوثبة لحماية تلك التجربة على مدى الساحة العربية بالأفئدة وبالمقل خوفاً عليها من اغتصابها وسرقتها والاستئثار بها باسم الشهداء وباسم التحرير من قبل طغاة جدد أو عسكر قديم ، لكنها ماكينة الشعوب التي تدافعت لن يحكم إرادتها و يثبطها أو يوقف مسيرتها إلا التقدم و الإصلاح.

إن التناظر الذي اجترحته التجربة التونسية فالمصرية بفرض إرادة الشعب على التغيير، وخاصة التجربة المصرية قد فرضت و خلقت تقاليداً استلهمتها من تاريخ وأخلاق و انتماء فكان الأداء في أحلك مراحل الثورة وذروتها لا تخرج عن مستوى نستطيع أن نصفه بالرقي والمسؤولية الذي كسب و بجدارة صفة عدم الانحدار فبالإضافة إلى المشهد الرائع للشعب فلقد سجل الجيش موقفاً رائعاً بحياديته رغم محاولات رموز النظام امتلاك قرار الجيش لإخماد ثورة الشعب حيث أعلنت القوات المسلحة وأكدت لغير مرة أنها لن تقف بمواجهة مع الشعب ، وللأمانة والحقيقة حتى رموز النظام كان خطابهم وسيلة ومحاولة اقتراب من إرادة الشعب أو محاكاتها أو مغازلتها لاستمالتهم وذلك بالتودد وتقديم الوعود بالتنازلات التي تقترب بالنظام من مستوى المطالب الشعبية ، إن ذلك التقرب الذي كان يجب أن يكون مشروعاً ونهجاً لتلك الأنظمة بالإضافة إلى مطالبات الشعب كاملة وليس في الوقت الضائع الذي لا يمكن الإفادة منها بل إجهاض محتوم لمكتسبات لن تهدأ الثورة حتى تضمن تحقيقها ، ولعله من الإنصاف والحقيقة أن نقول أن مجريات الثورة وردود الفعل المواكبة والفعل الذي كان من أطراف المعادلة كان دون شك يختلف كلياً عما يرتكب حاليا في ليبيا من جرائم وحماقة تاريخيه وصلف وحقد واستعداء للشعب من قبل الطبقة الحاكمة هناك.

ليبيا التي اعترف وأنا واحد من الجيل الذي أوسعنا النظام في السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي إعجابا بمواقفه وانحيازه للعروبة وللقضية الفلسطينية و معاداته للامبريالية الأمريكية وللدولة العبرية والمشروع الصهيوني وعضويته في جبهة الصمود والتصدي وأطروحاته في تنظيم الملكية وإدارة شؤون البلاد في الداخل الليبي وذلك كله استلهاما من وحي فكر القذافي وكنا نتغاضى أو نرغب في ذلك ربما لان عقلنا الباطن متعطشا وتواقا لمن يصرخ ويرفع  بوجه الظلم العالمي، لكن ما لبثت أن تساقطت كل الأوراق وتكشف أمر ذلك الصراخ وذاك القذافي لتبدو الأمور على حقيقتها ولا أريد أن أطيل لكن وما قد شاهدناه وتابعناه خلال هذه الأيام بان الصلف الذي ينتهجه النظام الليبي ضد الشعب الليبي العظيم لا يفترق أبداً عن الجرائم الأمريكية في العراق والجرائم الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني المناضل ، وأن هذا النظام بأدائه هذا ليس غريبا أن يمارس الخطاب الرديء والسوقي ويسلط كل أنواع التنكيل والقتل والإبادة ضد من ؟ ضد أبناء الوطن ، وضد الشعب الليبي صاحب التاريخ العريق والذي لا يستحق كل هذا الصلف بل يستحق الوقوف احتراماً لتاريخه ومواقفه ومناضليه وشهدائه وثورته المظفرة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

الحالة الأردنية

جريدة الرأي الأردنية  14/3/2010

لعل الحراك السياسي الذي نشهده هذه الأيام التاريخية على الساحة الأردنية لا يمكن فصله في احد جوانبه عما يجري في مناطق متعددة ملتهبة في أجزاء مختلفة من الوطن العربي وذلك بحسب سياسة التأثر والتأثير، ولكن يميل الراصد والمدقق إلى التأكيد بأنها أكثر دقة أن نصفها بأنها حالة تواقتت معها وان كانت قد استمدت جانبا من الزخم المحدود مما حصل وما زال في المنطقة.

إن الظروف التي تحياها الأمة العربية وشعوبها هي متقاربة إلى حد ما من حيث شعور مجموع الجماهير من غبن في العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية وبالتالي كانت معضلة الشك وأزمة الثقة والشفافية ما بين الحاكم والمحكوم سمة اتصفت بها الدول العربية عن العديد من دول العالم التي وجدت كلمة السر التي استقرت بها شعوبها وتفرغت الذهنية هناك للبحث والتطور وروافعه والإبداع الإنساني والاكتشاف وتنمية الثروات والتقدم في الإنتاج وتقاليده على حساب أنماط الاستهلاك.

بالعودة إلى الأردن وعدم الذهاب والهروب بعيدا نحو ساحات أخرى نقرأ الواقع الأردني بالقول أن هذا البلد الحبيب الأردن هو البلد الذي كان وما زال محط الأنظار ومصدر الإعجاب والفخار وان الشعب الأردني بكافة مكوناته المنسجمة والمتناغمة قد اختار طوعا هذا العشق للوطن الذي لا يحق لأحد بأصله أو فصله أو موقعه الجغرافي أو الوظيفي أن يدعي احتكاره فهي حالة يمارسها ابن هذا البلد الطيب الفتي الذي يسعى دؤوبا نحو مداخل الحضارة ودروبها.

إن الحالة الأردنية هي حالة فريدة قد صاغت عقدا شعبيا يعبر عنه هذا الشعب على اختلاف مواقعه من سلطة ومؤسسات وأحزاب ونقابات واتحادات..و.. الخ هذا العقد يعلن في كل حين باتفاقها وولائها للعرش الهاشمي لمبررات متعددة تتلخص فيها حكمة الحاكم والمحكوم.

كانت الشواهد متعددة لهذا الاتفاق ولعل أبرزها حين أكد الشعب في أزمة عام 1989 وبكافة توجهاته السياسية بوقوفه صفا واحدا إلى جانب الملك في مواجهته للضغوطات حينها من اقرب الدول الشقيقة في سبيل تركيع هذا البلد خدمة للأطماع الامبريالية والصهيونية رغم محاولات المشككين في حينها استغلال هبة نيسان المجيدة للإساءة إلى انتماء هذا الشعب وولائه.

إن المطالب التي تنادي بها الجماهير الأردنية الآن هي مطالب بحجم الوطن سهوله وجباله مخيماته وبواديه وأغواره هي مطالب عبر عنها الشعب بأنه يستحق أن يحيا في ظلالها وضمن شرعيتها لما فيها من إصلاح ومكافحة للترهل والفساد والمحسوبية والبيروقراطية ومحاربة للغلاء والبطالة.

إن الشعب الأردني يعود من جديد ليؤكد عشقه لهذا الوطن من خلال اللجوء إلى الحكمة في التعبير في وضح النهار عن آلامه وآماله بشكل حضاري وسلمي وأيضا إلى يقينه وإيمانه بحكمة القائد في الاستماع لحقيقة صوت الشعب دون تدخل احد في تزيين الواقع أو تزييفه ومره أخرى اللجوء الى حكمة القائد في تطلعاته وتوجيهاته للحكومة في السعي للتناغم مع النبض المعبر عن رأي هذا الشعب بحرية أيضا سقفها السماء.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter