Posted in مقالات وطنية

شكيب أبو جبل.. حكاية نضالات باقية

المجد 22-12-2008

لقد كان القرن العشرون شاهدا على واحدة من أسوأ المحن التي سجلها التاريخ ، وهي المحنة التي ألمت بالشعب العربي نتيجة الأطماع الصهيونية وغطرستها وزحفها على مقدرات الامة وتاريخها وآلامها فكانت القضية الفلسطينية التي تتكون منذ بداية القرن الماضي وبلغت فصولها ذروتها في أكثر من موقع ،حيث كان الاحتلال والتهجير والتعذيب والدمار والسجن والقتل وكل وسائل التنكيل والقهر على الارض الفلسطينية وشعبها ، واقام الصهاينة على أرضنا وآمالنا دولتهم ، وترامت الدولة العبرية لتطال اراضي عربية من ضمنها الجولان العربي السوري المحتل.

ان الاحتلال الصهيوني واقامة الدولة العبرية الطارئة بكل الآلآالتي رافقتها قد خلقت اشكالا وتقاليد خاصة سطرت اروع ملامح النضال والتضحية والبطولات التي أحالت الاساطير الى واقع يحياه أبناء هذه الارض الذين يحرسون ويقضون دونها ودون عرضها ، حتى بات الوجدان الموروث من جيل الى جيل بحد ذاته سلاحا في وجه الغطرسة والاحتلال.

من حكايا النضال التي غرست في ذاكرة المقاومة ، نضالات الاهل في الجولان السوري المحتل الذين ابتكروا النضال الابدي الذي لا يمكن ان تنال منه كل سنوات الاحتلال.

وبلغت المقاومة ذروتها في معركة رفض الهوية الاسرائيلية في عام 1982، والعصيان الذي كان من ارهاصات الانتفاضة الفلسطينية الباسلة بأجزائها ، حيث توج ذلك العيان بوثيقة الجولان الوطنية التي كانت عرفا وطنيا اجتماعيا ارتقى الى قوة القرار الشعبي والديني الذي يحرم التعامل مع العدو وقبول الهوية .

لا يضيف هذا المقال شيئا الى ثقافتنا التي تكونت عبر معاناتنا وقراءتنا ونقاشاتنا ، لكن ما حرضني على استجماعها ولملمتها هو وفاة قامة من القامات التي كان لتاريخها علاقة زمنية منذ وجود الاحتلال ، وهو المناضل السوري الكبير شكيب أو جبل ، الذي ولد عام 1925 في الرامة بجليل فلسطين واصلة  في الجولان السوري.

عمل أبو جبل خلال سنوات حياته في القضايا الوطنية ، وكان منذ نكبة فلسطين عام 1948يعمل مع رفاقه خلف خطوط العدو وتعلاض للعديد من المخاطر اثر ذلك ، الى ان جاءت نكسة حزيران عام 1967حيث كان الاحتلال يزحف باتجاهات مختلفة على طول الجبهة الى ان اقتطع الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري حيث كان المناضل أو جبل خارج المنطقة التي احتلت.

وقرر في عام 1969الدخول الى الجولان ليبدأ بمشروعه النضالي بمهمة وطنية جديدة ، فسلم نفسة لحظة عودته إلى الحكم العسكري الاسرائيلي وتحمل سنوات السجن والتعذيب والتحقيق في سبيل تطلعاته تجاه شعبه وامته فقام بعد ذلك مع رفاقه مشروعه النضالي الذي شمل مرصد جبل الشيخ وقناة السويس وطرق التحصينات وشرع بتسريب المعلومات السرية من المستوطنات ومرصد جبل الشيخ وخط بارليف وتحصينات العدو المتعددة والمطارات والمواقع العسكرية الى الوطن الام سورية ، ولم تكن منطقة عمله ورفاقه محصورة ، بل شملت أيضا فلسطين 48، والضفة والقطاع والحدود اللبنانية.

في شتاء 1973توجه عزت شكيب ابو جبل ليلا برفقة ابن عمه هايل ابو جبل متسللين عبر الحدود  الى سورية تحت الامطار الغزيرة يحملان بريدا سريا مستعجلا وفي أثناء ذلك اكتشفهما كمين اسرائيلي فأصيب عزت ووقع شهيدا واعتقل ابن عمه هايل الذي ما زال مناضلا حتى الان في الجولان واعتقل شكيب ابو جبل في نفس اليوم وابنه واولاد شقيقه الاربعة والعديد من المناضلين في الجولان.

كانت جملة الاحكام التي واجهها المناضل شكيب أبو جبل 315عاما خرج عام 1984في عملية تبادل 12بعد عاما من الاسر عاد أثرها الى سورية ، حيث كرم هناك بأن عين نائبا في المجلس العربي السوري لثلاث دورات متتالية ، وبعدها بقي في سورية الى أن وافاه الاجل قبل شهر عن ثمانية عقود شاهدة على أحداث جسام ونضالات باقية.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter