Posted in مقالات محلية

مجنون حارتنا


نظراً للملاحظات واضيقاق المساحة التي يبقيها الرقيب وللضرورات الفنية كان الأدب يلجأ أحياناً لإدخال شخصية المجنون لشخوص العمل الأدبي ، فيطلع علينا مجنون الحارة أو الحي أو القرية بشكل وعبارات يرددها فتنسجم تماماً مع روح ونص العمل لا بل يصير عنواناً لها يذكر بها في كل حين، أما الآن والحمد لله فلا داعي للإغراق بالمطالبة بتلك الشخصية إلا بمقدار حقيقتها أو لمتطلباتها الفنية وبمقدار الهامش الذي تتأهب دونه ما تبقى من نظرات الرقيب.

في حارتنا مجنون ليس للترميز أو لضرورات أدبية، بل أعانه الله وكفى، أقنعنا نحن مجاوروه ومما حكوه ومعاصروه ومعاقروه أربعة فصول في السنة بأننا نحن العاقلون وهو المجنون، صديقنا هذا يصرخ كما يشاء وبما يشاء ووقت يشاء بلا رقيب و لا حسيب ، ويطلب حين يشاء دون تردد لا مستجدياً ولا حرجاً ما يشاء بفعل جنونه وبفعل نظرة أن له مال معلوم في جيبنا ومالنا وحدقات عيوننا.

ذات مساء إذ كان صوته يتطاير في كل الاتجاهات يعصف بسكون الليل و العتمة ، استوقفني ذاك الأشعث الملتحي كظاهرة صوتية مجلجلة تمتلك الحرية بلا منازع، ذهبت بي نشوة الاكتشاف حتى كدت أحرضه على الحكومة التي رفعت أسعار المحروقات في سلسلة من مراحل موجعة متتالية في شيء من القدر الذي يتدحرج بتسارع من السماء على كاهل و أعناق المواطن ليزيد شقاءه شقاء في موجة غلاء تبشر بالمزيد و أبشره بان الحكومة الجديدة و الحمد لله قد التقت من أجل ذلك بالنقابات والأحزاب وفعاليات متعددة حتى يمرروا معها هذه الموجه الكاسرة من تسو نامي الغلاء، لكنني استدركت بان هذا الأمر لا يعنيه كما لا تعنيه مسألة الرفاه الاجتماعي بمعادلة حر الصيف و قر الشتاء…ينام ليلاً ملتحفاً السماء أو متدثراً مطراً أو برداً تشرينياً، هو الرجل الذي يخافه أطفالنا في انتصاب حدقاتهم لحكايا الجدات ، وهو قابع بخوفه في زوايا الحلكة وسكون الكمون خائفاً مخيفاً تنشده العقول فتلوذ بالضحك على استحياء والتندر بخفيه غائرة وتلاحقه صبية بالحجارة وعبث طفولتهم وبكل تأكيد يرون فيه دمية أثمن من باربي أو ما يساويها.

في الليلة التالية جالست مجنون حارتنا فبدأت أحدثه عن تسونامي وزلزال ريختر وإعصار كاترينا وان الله معنا إذ يدرأ عن أوطاننا كثيراً من الكوارث الطبيعية لألا نحتار بتسميتها فإذا أتانا إعصار وضحه يطلع علينا صاحب النصيب زوجها فيقول لا تبتلوني بإعصاريين مرتين على الأثر.

حدثته عن تاريخ امتنا العربية وحقه الطبيعي في أن يرفع عقيرته منشداً بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان.

عدت فذكرته بمحمود أحمدي نجاد ووقوفه بإيران على حافة الصراع مع أمريكيا ، و بقفزة ممتهن انتقلت إلى أفغانستان وأسامة بن لادن ومعتقل غوانتنامو وأحداث أيلول وبريطانيا وكارثة العراق جرحنا النازف أبدا وكوفي عنان وبلير وبوش وجونزاليسا رايس ، وعرجنا مباشرة معاً على قرار 1559 وفؤاد السنيورة والشهيد الحريري والشهيد الحي، والعد التنازلي لكشف الحقيقة في لبنان .

مباشرة انتقلت بالحديث الرشيق مع صديقي المجنون إلى الشريط الذي ينسل في أسفل الشاشات الفضائية إلى عقر بيوتنا وبين أهلينا بشكل دائم يتطاول لحظياً وأولاً بأول على عادتنا وتاريخنا بحركة وسرعة دائمة تتوثب للقفز من العذرية إلى الصريح على مرأى من الأب وألام والأسرة بكل أطيافها ومقاساتها و رقابتها منتهية المفعول ، وأخيراً رحت به إلى فلسطين الحبيبة كيف أحيا بعيداً عن السهول والهضاب والى القدس عروس عروبتكم ، حاولت الخوض في كفر قاسم ودير ياسين وصبرا وشتيلا وعناقيد الغضب لكنه صرخ ضيقاً وسأماً مبتغياً الرحيل.

أيقنت حينها حق شاعر العروبة سميح القاسم حين قال:

مجنون ليلى واحد بعذابه          وأنا عذابي أمة ليلاء

قررت حينها التوقف فوراًً ليس فقط عن الكلام غير المباح ، وإنما عن أي كلام بما في ذلك كلامنا المباح.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

المرحوم الشيخ سعود القاضي سيرة لم تنتهي

تبدأ القضية في إحدى الليالي قبل حوالي ربع قرن حين فجعت عشائر بني خالد وفجع معها الأردن بوفاة الشيخ خلف القاضي اثر حادث مؤسف، وكان السائق المسبب في الحادث من بني معروف الذين انتمي إليهم، حينئذ وحسب عاداتنا العشائرية توجهت جاهة مرموقة من وجهاء ورجالات الأردن إلى ديوان عشيرة القاضي في بلدة (حوشا)، وعند وصول الجاهة وجدت الترحيب المعهود ، جلس الضيوف وكما هو معروف تمضي بعض الدقائق من الوجوم الذي يتخلله توجس وريبة حول ما سيكتب لهذا الموقف وما هو الرأي وهل سيكون بداية معاناة شاقة من الحوار وتناقل الآراء و المساومة وهل سيتم النجاح لمهمة هذه الجاهة أم ستبوء بالفشل وكم عدد المرات التي ستجدد فيها العطوة ، وكم من الزمن الذي سيمر حتى يعقد الصلح النهائي ، وما هي المطالب التي سيطلبها آل الفقيد ، وكلما اقترب الوقت من سكب فنجان القهوة العربية كإيعاز لبدء الجلسة يتكثف الصمت و تسكن العيون في محاجرها والجميع يدقق السمع و ترتكز الأذهان على الموكل برئاسة الجاهة والحديث نيابة عن الجاهة للعودة والانتقال إلى من سيرد من آل الفقيد.

حينها بدأ الحديث من رئيس الجاهه فما لبث أن تفوه ببعض الكلمات المقدمة حتى قاطعه الشيخ سعود القاضي نيابة عن كل عشيرة القاضي ، وأبى أن تجري الجلسة على حسب تسلسل جاهه العطوه راجياً أن يعتبر الجميع أن الجاهة هم ضيوف وأن العنوان هو زيارة وحسب وان ليس هناك قضية حتى يكون هناك حاجة للعطوة ، فالفقيد الكبير انتهى عمره بحادث قضاء وقدر والسائق يبحث عن رزقه الحلال من خلال عمله كسائق، وليس هناك ما يثير الشك في قيادة متهورة أو عدم كفاءة في القيادة أو نية في القتل.

لقد كان الكرم كبيراً فيما قرر المرحوم سعود القاضي ليس بالتنازل عن الحق القانوني و العشائري فحسب بل وإطلاق سراح السائق في اللحظات الأولى للحادث دون معرفة هويته ورفض اعتبار حتى أن هناك مجرد قضية ولم تنته الحكاية أيضا فلقد أبدى الشيخ عدم موافقته على كتابة أي نص أو صك بعطوة أو صلح ، واعتبار أن الكتابة تدل على أن هناك قضية والقرار  الذي لا رجعة فيه أن ليس هناك أي قضية ، فكان الموقف في أقصى درجات التأثير حيث الكرم بالدم و الجرح غض و المصاب كبير لكنه موقف الكبار حين يكون الإيمان بالله وبقضاءه راسخاً و حين تكون الرجال رجالاً فهكذا انتهت القضية ، لكنها لم تنته الحكاية… .

عند تعيين اللواء مازن القاضي مديراً عاماً للأمن العام تراجعت لدي الذاكرة ومعي العديدين ممن شهدوا أو تنامى إلى مسامعهم سيرة حياة ومواقف السلف الطيب إلى ذاك الموقف الذي لا ينسى ، نعم لقد كان المرحوم الشيخ سعود القاضي رجلاً كبيراً بآرائه ومواقفه و كرمه ولا أدعي أن عجالتي هذه هي أول الحكاية وبكل تأكيد هي ليست آخرها.

ليس من باب المديح بقدر ما يكون من باب ذكر الفضل و إعادته إلى أهل الفضل وفي كلتا الحالتين هو إلقاء الضوء على نهج ومناقبية تتجلى في أكثر من شكل لدى مجتمعنا الأردني الواحد والطيب تعكس ألواناً قزحيةً جميلة تختزل موروثاً عربياً قادماً منذ فجر التاريخ على بقعتنا الجغرافية وموقعها في قلب الشرق العظيم بقديمه وحاضره.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

بالعدالة فقط نكافح الفساد

جريدة الرأي 2012/02/09

لا شك أن العديد من قضايا الإصلاح في الأردن ما كانت لتطفو على السطح لولا الهبات الجماهيرية المتصلة والنتاج الجمعي للحراك الشعبي ولعل أولى تلك القضايا وأهمها على الإطلاق هي مسألة الفساد.
إن الفساد مرض الأمراض ووباء الأوبئة وأساس العديد من آفات الأنظمة والمجتمع ففيه فساد ومفسدون وإفساد وبه ينمو الفقر والبطالة والاختلال في التكوين الطبقي والاضطراب في القوانين والأنظمة والتعليمات ، فبالتحالف المصلحي ما بين البرجوازية الطفيلية وربيبتها البرجوازية البيروقراطية ترتسم كل الموبقات وبسقف لا محدود يستبيح كل شيء ويحولها إلى أرقام وصفقات تطال الأذواق والمحرمات وتلغي حتى حدود الوطن، انه الفساد الذي لطالما نخر باطن الأرض وظاهرها وعاثت بالبلاد والعباد خراباً على مر السنوات وبالعديد من التجليات من خصخصة ومديونية لصندوق النقد الدولي ودفائن وهدر للثروات..
أما وقد تعالت الأصوات بعد أن ضاقت الجماهير ذرعاً وبدأ الحديث عن استعدادات لمكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين وحتى تكون الشعارات حقيقية تأخذ على عاتقها الفعل أكثر من التنظير يجب الأخذ بعين الاعتبار نقطتين رئيستين نقرع لهما ناقوس الخطر نعلي الصوت ليكون مسموعاً لدى الجماهير الشعبية والسلطات الأربع.
أولى النقطتين : يجب العمل على انجاز مراحل الإصلاح بأسرع وقت ممكن وبالكثير من المصداقية والشفافية والرقابة الدائمة دون التفاف أو انحراف عن الهدف لأنه ما أشبه اليوم بالأمس الذي يرجع إلى بدايات القرن العشرين حين لم يخرج استعمار حتى دخل استعمار بريطاني وآخر فرنسي في هذه المنطقة الساخنة لم يبرح حتى سلم أرضنا ومقدساتنا يداً بيد إلى حكام الدولة العبرية ، أما في ظروفنا الحالية فالمشاريع وبتجليات خطيرة تنتظر لحظة بلحظة للانقضاض على المنطقة ومقدراتها وخيراتها وآمالها ، فالمشاريع المشبوهة جاهزة من تقسيم وشرق أوسط جديد ووطن بديل وسيطرة البترودولار ومقابر النفايات النووية وبالإضافة إلى كل ذلك فان إطالة أمد الحديث عن الفساد والتسويق في المكافحة يسارع في ترهل الثقة وجفافها ما بين السلطة والشعب من جهة ومن جهة أخرى في مشهد الدولة للخارج واهتزاز الثقة بالتعامل معها..

ثانياً: إن الفساد باستيطانه لسنوات طويلة أصبح مكوناً استشرى واخذ مسلكاً سرطانياً ، يكون واهماً من ظن أن مكافحته سهله وممكنة دائماً ، لذلك كما هو مطلوب اليقظة اتجاه الفساد أصبح مطلوباً اليقظة أيضاً اتجاه مكافحة الفساد ، لأن مُكون الفساد بمقوماته من مفسدين ومستفيدين وذهنية الفساد والإفساد أصبح له تقاليد وارتال تدافع عنه ولن تسلم الساحة بسهولة ، وأظن أن الاستهلال بما تم انجازه حتى الآن هو استهلال غير طيب ولا يمكن أن تستقيم الأمور إلا بمزيد من العدالة والمساواة في التعاطي مع مسائل الفساد وذلك بملاحقة كل معني بقضايا الفساد دون خطوط حمراء وعدم تقديم قرابين على أساس فرض الكفاية وتحويل القضايا إلى محاكم مدنية وبأثر رجعي والعمل على محاكمات علنية أمام الرأي العام والشارع والإعلام المقروء والمرئي والمسموع لتحقيق العدالة فكما أن العدل هو أساس الحكم فهو الأساس الحقيقي للحلول الجذرية لمسألة الفساد.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

وجهة نظر – مؤسسة شومان.. الدور والاداء

الرأي 31 / 10 / 1996

في هذه العجالة اريد ان اسجل اعجابي بالاداء الرائع لمؤسسة عبد الحميد شومان كمؤسسة تتبوأ مكانة مرموقة ليس على المستوى المحلي فحسب وانما على مستوى يشمل اكثر من حدود الوطن ، وتقاتل بالقلم نيابة عن كل الفئات في سبيل قضايا الامة وهموم الشعب ، فللمؤسسة دور هام ندركه ونحن في عصر المعلوماتية في تكوين مخزون ليس بقليل من المعلومات تحريضا للولوج في متتاليات البحث والاستقضاء . وفي احياء وتشييد الثقافة القومية والوطنية ، ورفع سارية الثقافة الجادة والتجديف في هيجان خضم من الثقافة الهابطة حيث استطاعت مؤسسة شومان عبر برامجها وندواتها واستضافاتها ان تخلق جمهورا من نوع خاص يتابع تلك البرنامج ، ويتتبع الاثر في سبيل سماع محاضرة  او متابعة فيلم او كسب معلومة ، حتى تكاد ان تتكون لذلك الجمهور تقاليد خاصة تنمو مع امتداد العلاقة بتلك المؤسسة لتصبح مسلكا يحكم العلاقة اليومية لاولئك الافراد.

ما الطف ان نتعلم تقاليد الحوار والتمحيص والتدقيق والبحث ، ومن ثم الارتقاء بالذهن الى مستوى الاصالة في الثقافة التي تحترم الذوق العام وتسعى لتهذيبه وتدفع باتجاه الاهتمام بالهموم العامة ، وما اجمل سبر الاغوار بحثا عن الحقيقة ، والتمسك بقضايا الامة ، وكم هو جدير بالاحترام ان نحيي ذكرى من قد مضى من رموز الامة وبناة فكرها ، فما كان قبل ايام من تأبين احمد بهاء الدين المفكر والمناضل الا جزءا من المشروع القومي ، تنهض به باقتدارمؤسسة شومان ، وما كانت الكلمات التي القاها مجموعة من المفكرين من الاردن وسوريا ومصر الا تجسيدا واعمالا لذلك الفكر ، وما قد سمعناه بكل تأكيد كان كلاماً يليق بذلك الفقيد.. فقيد الامة.

ولعل الدكتور اسعد عبد الرحمن الباحث بحرص دائم عن وجبات متلاحقة يقدمها لضيوف مائدة شومان قد وجد في التفكير بدراسة احياء الذكرى الخامسة عشرة لوفاة المناضل العربي الكبير سلطان باشا الاطرش القائد العام للثورة العربية السورية ضد الاحتلال الفرنسي مناسبة تليق بهذه المؤسسة وتقاليدها ، ووجد في مؤسسته العتيدة ساحا لسيف سلطان الذي قد رحل ، وخيله الغاضبة.. وذكراه الثائرة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

ملح الازرق … اضواء على الازمة

الرأي 28\11\1996

كنت قد تطرفت قبل حين في احدى مقالاتي والتي كان عنوانها “ملح الازرق المعاناه ومصدر الرزق” الى المعضلة التي يعاني منها اهالي الازرق في مصدر رزقهم ومورد معيشتهم الا وهو انتاج الملح ، دعوت فيها الى التفعيل الجاد والموضعي لدور القطاعات المعنية والى التفاف شعبي حول ايجاد حل وطني لهذه المعضلة ووضع حد تسويف او تحرير لجوهر المسألة.

ما اريد ان اورده في هذا المقال هو للمزيد من القاء الضوء على الرعب الذي يكتنف الاهالي في الازرق بسبب الانهيار الذي يرقبونه بام اعينهم في مصدر رزقهم ، والفترة الزمنية التي طالت والمعاناة لم تزل تجثم على صدورهم من غير وجه حق، لم ينالوا حتى الان من بذل الجهود بعد استصدار قرار او زيارة مسؤول او شرح مظلمة الا الجهد ذاته دونما نتيجة ، فعسى ان يكون هذا المقال اضافة جديدة لما قد بذل ، وعسى ان تأتي الجهود اكلها.

ان انتاج الملح قد بدأ في منطقة الازرق في العشرينات من هذا القرن وارتكز مصدر رزق اهالي المنطقة على انتاج تلك المادة ، وكان الاهالي هناك يعانون الكثير في سبيل تحصيل رزقهم حيث الطرق البدائية في العمل والاسعار المتنية ومشاكل التسويق والفيضانات التي تهدد الموسم… الخ ، بقي الامر كذلك الى ان تأسس في نهاية السبعينيات وبعد دراسة مستفيضة مصنع الملح التابع لجمعية الازرق التعاونية.

دأب الاهالي ومصنعهم على العمل المتواصل لتوفير العيش الكريم الهادئ تحتضن انظارهم نشوة الفوز في نزال السواعد والارادة مع صلف الصحراء وجوارح حرها وقراها الى ان داهمتها في الاونة الاخيرة اشكالات محددة منها التقليد وخلق الاعاقات التي كان مقصودا منها الاساءة الى ملح الازرق وذلك بالترويج الى كثرة الحصى والشوائب فيه ، وانه ملح غير مطابق للمواصفات.

للحقيقة نقول ان مثل هذه الشائعات يجب التحقق منها زملاحقة مروجيها ووضع ضوابط اخلاقية لعقلية السوق الحرة والا يصبح الساح مرتعا لكل الرغبات النفعية التي لا تقيم وزنا لشئ الا لمصلحتها الضيقة ، فالتقارير المخبرية المعتمدة من قبل وزارة الصحة تثبت بالبديل القاطع بان نقاوة ملح الازرق اصبحت تتجاوز 99.37% كلوريد الصوديوم ( ملح الطعام ) وهذا يتطابق بامتياز مع المواصفات الاردنية المعادلة والمواصفات العالمية ، علما بان التعديل الجديد في المواصفات الاردنية كان محرجا لكل منتجي الملح ما عدا منتجي الملح الازرق فهم الوحيدون الذين طابق ملحهم لتلك المواصفات.

ورغم ان انتاج المصنع في الازرق كان مراقبا وجودته دون غيه الا ان المراقبة تبقى لتشكل مطلبا للجميع واننا ندعو الى الرقابة دائمة وصارمة على جودة الملح دون أي استثناء.

وفي هذا المقال نقول ان جمعية الازرق التعاونية كانت دائما بالحفاظ على الجودة والتطوير ، انطلاقا من ذلك وبناء على دراسة شركة ( كربز) السويسرية قامت الجمعية بتطوير مصنعها بكلفة 1.5 مليون دينار وتصدت لذلك لوحدها وحتى الان هي بانتظار الدعم الموعود من قبل المسؤولين بناء على المنحة السويسرية المقدرة ب 300 الف دينار حيث كان ذلك حافزا للجمعية حينئذ للقيام بالتطوير المذكور الذي ارهقها واثقلها .

ان مصنع الملح في الازرق قد تحمل مسؤولية الوطنية وترتبت عليه خسائر نيابة عن الحكومة عندما كان يغذي الافران بالملح بسعر الطن الواحد 30 دينارا ، ورغم ان كلفته تبلغ 75 دينار طوال خمس سنوات ومن جراء ذلك كانت مجمل خسائر دعم الخبز ما يقارب 200 الف دينار سنويا، بعد ذلك بدأت الافران بشراء الملح من مصدر اخر ، علما بان مصنع الازرق يستطيع ان يغذي الافران بمادة الملح الميود ( المضاف اليه مادة اليود) وبذات النسبة العالية التي عودنا عليها من الجودة والنقاوة بسعر 60 دينار للطن الواحد من الملح المكرر المطابق ” صنف اول” .

من مسوغات التركيز على الابقاء على الملح كثروة وطنية في الازرق ( وذلك مسؤولية الدولة قبل الشعب ) العدد الكبير من الاسر التي تعتاش من هذا المصدر والمهددة تماما في مصدر رزقها الان ، وما يجدر الاشارة اليه انه قد تم انهاء خدمات 146 موظفا من الجمعية والمصنع بسبب عدم التمكن من صرف رواتبهم وهم اصحاب اسر ، الملح يشكل مصدر دخلها ، وايضا نسبة النقاوة الممتازة التي يمتاز بها ملح الازرق ( وذلك مثبت بشهادات صحية) ، وتدني سعره اذا ما قورن بنسبة الجودة التي يتعهد المصنع بالحفاظ عليها ، واحقية الاستثمار لاهالي الازرق الذي كان صحراء خالية والذي عانى سكانه الكثير الكثير حتى استقر رغم قسوة الحياة ، صقللته الحضارة حتى اضحى بلده تتوفر فيها ، مقومات المسكن والعيش الكريم والعمل ، وكافحوا في سبيل العيش الكريم بمرارة وعناء حتى وهبهم الله الملح فاستخرجوه واتقنوا الصنعة وكبروا وهذه الثروة يوما بيوم , وهذا ما قد تلمسه في وقت مبكر الملك الشهيد عبدالله بن الحسين عشية اصدار توجيهاته وقراره السامي بحصر الانتاج باهالي الازرق حتى يتسنى توفير المياه العذبة الصالحة للشرب لمناطق مختلفة من المملكة.

ان الطاقة الانتاجية لمصنع الازرق تبلغ حوالي 40 الف طن سنويا من ملح الطعام و50 الف طن ملح صناعي والمتوقع من مصنع شركة الاملاح الصافي ان ينتج 30 الف طن سنويا من ملح الطعام ومليون و200 الف طن ملح صناعي في حين ان احتياجات المملكة من الملح سنويا يبلغ 30 الف طن من ملح الطعام و 10 الاف طن من ملح الصناعي ان هذه الارقام اذا ما طرحت على ارضية ما اسلفنا من ظروف موضوعية و حيثيات تخص الموضوع ،فان الاستنتاج يرتسم على شكل مطلب شرعي وهو ضرورة الاسراع في تفعيل الحلول المطروحا وهذا يتطلب تكاتف كل الجهود لاجاد الحلول المنصفة واخراجها الى حيز الوجود ولقد قطع في ذالك الشوط ليس بالقليل من حيث الاتفاق على صيغة مرضية بحيث تقتصر تغذية السوق المحلية على انتاج ملح الازرق ويستثنى من تغذية الاسواق الخارجية.

ان اهالي الازرق الذين يعتاشون من هذا القطاع كمصدر رزق كابدوا واياه الكثير وبذلوا الغالي والنفيس على امل غيث قريب وحلول تخرجهم من دوامة الشائعات والاعاقات المفتعلة للمساعي الحقة التي تعيد لهم حقوقهم غير القابلة للتأويل ، لينتظر بفارغ الصبر مبادرة تنصفهم وهم الممثلون بجمعيتهم التعاونية على اهمية الاستعداد لاي حوار وعلى أي منبر ليثبتوا بالصوت المسموع كل الحقيقة ، ويقارعوا الحجة في قضية يرونها واضحة محددة المعالم.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

تسول

الاربعاء 5 \ 8 \ 1998

قد يتكلم المتكلمون ، ويسهب الحالمون عن مجتمع فاضل تسوده قيم التكافل وينتهي فيه اسغلال الانسان لاخيه الانسان، تتوفر فيه اسس العدل والمساواة وملامح التقدم، لا يستطيع احد ان يجتزئ فيه من جسم النسيج الوطني المتماثل الى الصيغة الحضارية المنشودة.

ولعلها جديرة بالاشارة ظاهرة انتشار بعض حالات التسول بطرق تستغل العامة وتستغل مشاعر العطف لديها فلقد اختلطت على المواطن الحالات التي تتاجر بمشاعر العباد وجيوبهم عن طريق التظاهر بحالة تستدر العطف نتيجة يتم او ثكل او شلل او فقدان احد الاطراف او احد الحواس … او التظاهر باعاقة عقلية.

نريد ان نتناول هنا ظاهرة المعاقين عقلياً فبالنسبة للشخص المتخلف او المتظاهر بالتخلف الوضع يختلف ، اما بالنسبة للمواطن المراقب فالوضع ذاته حيث اننا امام اشخاص متخلفين عقليا يستثمرون اعاقتهم هائمين في الشوارع كأنها خلوتهم ليس من عقل يردعهم عن فعل ما يخدش الحياء العام ، وليس من قانون يشملهم فيعاقبهم على كسر زجاج محل او سيارة رفض صاحبها اعطاءهم صدقة ( خاوة ).

الأنكى من هذا وذاك ان وزارة التنمية الاجتماعية ليس لها علاقة بهؤلاء ( بحكم اعاقتهم العقلية ) والجهة صاحبة الاختصاص في ملاحقة تلك الظاهرة هي وزارة الصحة حيث تأخذهم لمدة لا تتجاوز بضعة ايام لتعيدهم ثانية الى رأس عملهم بذات المواقع وذات الاعاقة وذات التسول.

اننا نطرح هذا الموضوع من باب المسؤولية والحرص على القضاء على ظاهرة التسول بتجلياتها المختلفة وما تحمله من تصورات غير لائقة تعكس صورة سلبية لواقع التكافل الاجتماعي وثغره تنسل من خلالها وتتفشى انماط عربية عن المجتمع السوي .

ان هذه الظاهرة نلحظها ولا نقول يجب القضاء عليها بمفهوم الملاحقة والقمع , انما بمفهوم المتابعة والبحث عن الاسباب ووضع الحلول بمزيد من التجذير لقيم التعاضذ والتكافل.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

ضوء – امانة العاصمة ثقافة وحياة

الرأي 7 / 8 / 1998

لا شك ان بصمات الطاقم الذي يرأسه الدكتور ممدوح العبادي واضحة المعالم في كل شارع وعلى المداخل في ظلال الانفاق والجسور ، في كل موقع نقرأ حكاية عن العمل الدؤوب والتحدي ، نذهب مستذكرين سنوات خلت حيث كان ابو صالح ذراعا يشارك الشارع نبضه من خلال النقابة والوزارة ولجنة ودعم الانتفاضة .

… اليوم يسافر بنا الى عبد الرحمن منيف حيث بدايات العاصمة الوديعة التي تتأهب للسفر من حضارة عريقة غابرة الى حضارة غد متجدد ، فلقد كان اسهام الامانة الى جانب المؤسسات الثقافية الاخرى حقيقة واضحة المعالم وما ايام عمان المسرحية الا اعلان حقيقي عن انجاز جديد يضاف الى اداء الامانة ، وها هي اخيرا ليالي جرش التي وجدت في رحاب الامانة تناغما في العطاء ، حيث صدح الشعر في ردهاتها ، تألقت القوافي وتدخل البوح ، بحوره امواج تتعالى لتعانق مدا حديثا تدلي به الساحات واعمدتها وبنيانها فانساب العشق يحضننا ، نطقت الجراح مرددة مع رائعة سميح القاسم ” خذلتنا الصحارى ” .

لقد احتلت امانة العاصمة مكانة مرموقة ورسخت تقاليد جديدة في علاقتها مع المواطن والوطن فاصبحت منبرا ورمزا من رموز عمان وان كان هذا يزيد من حجم المسؤولية في عدم القبول باي تنازل عن مستوى الاداء بل النهوض به وتطويره.

وهنا يقودنا الحديث للتساؤل عن مصير ليالي عمان التي اعتدنا عليها ، حين يعلن الصيف بدء موسم الفرح ترقص الليالي وتتناثر اكمات الضجر والضيق فيشدو الكرنفال ، ففي ذات الوقت الذي نثمن فيه للامانة وامينها اقامة ليالي عمان في السنوات السابقة والتي اصبحت مطلبا للمناطق الاقل حظا في العاصمة والمحافظات الاخرى ندين الامانة بانسحابها بصمت لهذا العام وحتى الان وعدم اقامة ليالي الفرح تلك دون التصريح بمبرر لذلك.

قد يختلف المرء او يتفق مع الدكتور ممدوح العبادي وادائه لكنه لا يستطيع الا ان يقف منه موقف التقدير ، فهو يعلن في كل حين بداية فصل جديد من العمل والتحدي يوقظ حلما جديدا لعمان التي احب….

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

آراء – مجرد حزيره

الدستور17/1/1997

في كل عام نستقبل شهر رمضان المبارك بتقاليد خاصة اقترنت به وارتسمت في المخيلة منذ الصغر ، ولا يستطيع احد ان يحجب عدم ارتياحه عند فقد أي عنصر من مقومات ذلك التقليد.

ولعل من الامور التي غرست في الذاكرة هي برامج حزيرة رمضان ، وان احد برامج الحزيرة في التلفزيزن الاردني ومنذ سنتين حاول الانفتاح على المشاهد بشكل مباشر عن طريق مشاركته بالاتصال الهاتفي مع البرنامج ، فلم يأت ذلك أكله في التسلية ومحاولة اكتشاف سر الحل بقدر ما له كان الفضل في كشف عورة شبكة الاتصالات الهاتفية وهذا ما يتكرر حاليا وبشكل يومي حوالي الساعة الثالثة من بعد الظهر يتواقت مع بث حزيرة الاطفال ويبقى لفترة ليست قصيرة , لا شك ان الحمل كبير ذاك الذي يترتب على كثافة الاتصالات مع البرنامج من المشاهدين الراغبين في المشاركة ، لكنني ارى ان يكون هناك قرار جرئ بأن توقف فورا مثل تلك البرامج ريثما يتسنى لمؤسسة الاتصالات ان تقوم باجراءاتها ( التي هي اقدر على معرفتها ) التي من شأنها ان تعالج مواطن الخلل والعجز في شبكة الاتصالات.

الى ان يتم لشبكة الاتصالات ان تحتمل كثافة الاتصالات الهاتفية في وقت الذروة نحن في غنى عن مثل هذا البرنامج ، وبعيدا عن الخوض في مدى نجاح تلك البرامج او اخفاقها نقول انه لا يمكن ان نتصور انه من اجل اظهار نجاح برنامج تلفزيوني او تجسيد استعراض ما تشل الاتصالات الهاتفية شللا عاما لا ينتهي الا بان يأذن القائمون على ذلك البرنامج بعودة الحياة الى عروق شبكة الهاتف ، فكم هو محرج لمؤسسة الاتصالات ان يحصل قطع للاتصالات الهاتفية حتى لو كان القطع محدودا فكيف لو كان القطع عاما ، واعتقد انه في كل ارجاء الوطن وليس فقط في محافظة الزرقاء، وان أي مؤسسة هاتفية في العالم تطمح في ان لا يحصل أي قطع في الاتصالات حتى في اعتى الظروف مثل ظروف الحرب والاضطرابات الامنية وعوامل الطقس…الخ.

فاذا ما اسقطنا مثل تلك الظروف العاتية على ما يجري من قطع يومي في رمضان لطالبنا بشدة بالقاء القبض على البرامج التي تعيق مصالح المواطنين.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

بدون عنوان – إرادة النواب وإرادة المسيرة

لا اريد ان اتطرق الى موضوع جرائم الشرف , وما هي المسوغات الموضوعية التي رافقت ما ذهب اليه مجلس النواب الاردني في الاونه الاخيرة حول الغاء البند القانوني الذي يخص جرائم الشرف وفي ذات الوقت لا اريد ان اتطرق الى المسيرة التي نظمت لمطالبة مجلس النواب لتبني وجهة النظر المغايرة ، فلقد اشبع هذا الموضوع ليس ممن ادلوا بدلائهم ابان الازمة وذروتها فحسب وانما في الاصطفاف الجدي الذي تنقسم اليه اراء المجتمع الاردني حول هذا الموضوع والذي يأتي تعبيره عن ذاته متأثراً بموروث الامة وتراثها على افتراض ان موروث الامة لا يمثل بالضرورة تراثها.

ما اريد ان اجسمه واشير اليه في هذه العجالة هو شكل رد الفعل والتفاعل الذي حدث ودلالاته وما قد يمثله وما قد يستثمر كمسابقة قابلة للقياس فكيف نستطيع ان نوفق ما بين كون البرلمان هو منتخب من قبل الشعب لكي يكون ممثلا له في مهمته سواء في التشريع او في رقابة السلطة التنفيذية ، وما بين المسيرة ( اية مسيرة ) كونها وسيلة لرفع الصوت وللتعبير عن وجهة نظر جماعية يعمل منظموها لايصالها وتعظيم طرحها عن طريق جمع اكبر عدد ممكن من المؤازرين ، الا اذا سلمنا بان مجلس النواب قد اخفق في ان يكون معبرا حقيقيا عن الشعب ونبضه وفكره وتوجيهاته ، وهل ستكون هذه المسيرة مثلا يستمد منه الشعب شرعية التحرك في ظروف مشابهة تتعلق بقضايا مختلفة سياسية او اقتصادية او اجتماعية؟؟ خاصة وان هناك قوى مؤثرة على الساحة ليس لها تواجد في البرلمان ، اضافة الى ان ما يسمى بالاكثرية الصامتة قد تجد من يستطيع ان يخرجها من صمتها المطبق ولو بعد حين.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

آراء – امراض العصر

الدستور 28 / 3 / 1996

ونحن نقرأ ونسمع ما فجرته اخبار مرض جنون البقر من ذعر واضطرب في العالم ، تحضرني مقولة شعبية ترددها الاجيال المتعاقبة فنرددها نحن اليوم بأننا في اخر الزمن ، وان النهايات قد شارفت علينا وشارفنا عليها ، تعبيراً عن هول ما تدفق ويتدفق علينا بني البشر وبشكل متسارع من امراض العصر التي يقف العلم امامها حائرا عاجزا، وكان في ذاك التسارع محاكاة لسمة السرعة في عصرنا الذي نعيش.

لم يزل العلم حتى الان في لجة التنقيب عن خبايا مرض الايدز ، والدراسات التي لم تكتمل بعد حوله ما زالت تبحث في المجهول عن حقيقة هنا او فكرة هناك عل في هذا او ذاك يمكن علاج وايقاف لخطره الذي يقتحم كل البشر على سطح المعمورة من مشرقها الى مغربها.

وذاك مرض السرطان يجثم بظله الثقيل على الصدور , تئن لمجرد ذكره المسامع ، فتلجأ اللباقة الى الاشارة او الدلالة توجسا حتى من اسمه الرهيب ، يؤرقنا السرطان ليل نهار ولا ندري متى ومن سينتقي , يقتحم بقايا سعادته, يقض مضجعه ، يختطفه ويقطع عليه حياته ، او يتركه يصارع ليس المرض فحسب وانما ايضا ارقه وليله وسيرته ونهايته.

اجدني لا ارغب في ان اخص مرض جنون البقر في هذا المقال في حين انني اتمنى ان تتخذ الاجراءات التي تتطلبها خطورة هذا المرض، وان تكون تلك الاجراءات صارمة لا تهادن أي اعتبار في مسالة عدم دخوله الى البلاد وسد الطريق امام أي احتمال لحدوث ذلك سواء بدخول اللحوم او منتجات الالبان من البلاد التي يشك بوجود هذا المرض فيها اضافة الى بريطانيا وايرلندا وزيادة التشديد على الاعلاف المستوردة، وايضا يجب العمل على استقدام اخر ما يتوصل اليه العلم من تقنية الكشف عن ذلك المرض واخضاع المستوردات الغذائية البشرية والحيوانية اليها وتطبيق كافة تلك الاجراءات بشكل صارم.

اود ان اشير هنا الى ان أي حملة ضد اي مرض من الامراض المعنية قد لا تستطيع تسيطر سيطرة تامة عليه لاعتبارات طبيعة المرض ذاته وعدم تمكن العلم من الاحاطة التامة به من اسباب والية عمل وعلاج، انما استطيع ان اجزم ان اهمال أي اجراء وقائي هو اسهام من حيث ندري او لا ندري في تكريس المرض ذاته، فنحن نحيا اجواء ملوثة بالغازات العادمة منهمكين بالكيماويات والهرمونات والعلاجات والاشعاعات التي اصبحت تحتل جزءا من تكويننا ، اضافة الى غير ذلك كالمواد البلاستيكية التي دخلت كل المطابخ على شكل اواني الطعام المختلفة واوعية تخزينه وتحضيره وحفظه والاكياس البلاستيكية وانابيب شبكات المياه ، اضافة الى الاصبغة والملونات التي تدخل في تكوين الكثير من المواد الغذائية وتحيط بنا عادة التدخين السائدة ، وغني عن التذكير بان كل ما سبق وغيرة منتشر الاستعمال رغم ان ابحاثا مختلفة تدل على انها قد تكون من الاسباب المسرطنة، ولا بد من حملة وطنية شاملة وجادة للتقليل من الاسباب ، فليس هناك مبرر على الاطلاق ان ينتشر مرض موحش كالسرطان ومازالت هناك اسباب سائدة لم نقدم شيئا في سبيل الغائها ، حتى ولو كانت علاقة تلك الاسباب بالمرض غير مكتملة الاثبات، فذاك المرض خطير ونسبة انتشاره تقتضي وتستحق استبعاد كل ما يمكن استبعاده من العوامل التي يشك في انها المسببة مهما تضاءل الاحتمال ، ولعل في ايماننا ويقيننا بانه لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا خير ملاذ ومستقر للنفوس، ولعل لنا ايضا في التقدم الطبي الذي احرزته الصروح الطبية في الاردن املا متجددا بالغد المشرق.

تجربتنا في هذا المرض تدق ناقوس الخطر لتكثيف الجهود الوطنية وبذل كل ممكن لدرء الخطر بالمكافحة والوقاية من الامراض المتربصة التي كان مرض ” جنون البقر ” .

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter