Posted in العرب الدروز

حركة المبادرة العربية الدرزية وفكرة المؤتمر

الرأي 19 / 7 / 2001

لقد دأب العدو الصهيوني عبر عقود على خلق كل ما من شأنه ان يضعف الموقف العربي , وذلك بتوظيف كافة الادوات للوصول الى تلك الغاية خدمة للمشروع الصهيوني , وتجليه على الارض كيان الدولة العبرية.

ولقد كان ضمن ادواته محاولاته الحثيثة في تزيف الحقائق, وخلق واقع عربي مشرذم, لما في ذلك من ضمان للابقاء على كيانه زمنا يتناسب مع عمق عوامل ذلك الواقع الذي تصوغه وامكاناته على الابقاء على تلك العوامل, ولقد زاد من تأثير ذلك الاكاذيب الصهيونية على الجسد العربي… تواطؤ المتواطئين تارة . وتعامل الخطاب العربي مع هذه المسألة بالكثير من عدم الوعي, وعدم الحذر من النوايا الصهيونية خاصة وان العدو يأخذ بأسباب وعوامل ذكية , يقيس امكاناته على التأثير بقياس حجم المساحة التي ينشغل بها الذهن العربي , وبالتالي الشارع العربي بشكل عام…

المراقب يستطيع ان يسجل التطور الذي حصل خلال العقد الماضي في الاعلام العربي , وذلك بتحقيق الغلبة للقلم والصوت الواعي الذي ساهم بشكل فاعل في الكشف عن المؤامرات والالاعيب الصهيونية على مقدرات ووحدة الشعب الواحد. ولعل اخطر ما عملت الدوله العبرية على اذكاء اجواء التشكيك, والتقسيم والاتهامية والانفصالية لدى الشارع العربي  هو محاولاتها المنظمه في الشارع الفلسطيني بين عرب 1948 وذلك بمحاولاتها الدائمه لخلق نماذج متباينة في الاوساط العربية الفلسطينه , وهي جاهزة في كل حين لتقديم كل امكاناتها لدعم الاسباب التي تؤدي الى خلق مثل تلك النماذج ……والاكثريه اليوم تعي تماما العديد من النوايا المبيته والممارسات الصهيونية المشبوهة بهذا الشأن.

فاذا كان عرب 1948 قد تعرضوا الى ظلم استصدارالدولة العربية لقانون مثل: الخدمة الالزامية التي تشمل بعض فئات الشعب الفلسطيني الواحد كالعرب الدروز والكاثوليك والشركس ، حيث يساق شبابها  بموجبه سوقا الى الخدمة،بحيث سن هذا القانون في عام 1956،ولقد كان لهذا القانون نتائج جائرة على هذه الفئات،وكان الاخطر من هذا القانون العمل على اغراء كل الفئات العربية من عرب 1948 للانخراط التطوعي ،وذلك بتاسيس ( فرقة الاقليات) في جيش الاحتلال عام 1949 ،والذي تمكن العدو بها من استقطاب بعض العناصر العربية التي تتطوع في خدمة الجيش تطوعا.

ان النضالات التي خاضها ويخوضها الاحرار من ابناء الشعب الفلسطيني عام 1948 ضد المؤامرات التي تريد النيل من عروبتهم وانتمائهم الى الامة العربية الواحدة وقضيتها المركزية (قضية فلسطين ) تستحق كل تقدير واحترام, والتاريخ قد دون بكل فخر تنظيم الشباب الاحرار الذي تأسس في اواخر الخمسينيات من الشباب العرب الدروز الذي ناضل من اجل محاربة التهويد والحفاظ على الهوية القوية, واسقاط قانون الخدمة الالزامية سيء الصيت, ولقد دفع شباب الدروز سنوات سجن بما يقارب 5000 سنة سجن لرفضهم الخدمة في جيش الاحلال, وحتى يومنا هذا تناضل لجنة المبادرة العربية الدرزية وحركة المبادرة العربية الدرزية المستقلة – الوريثين الحقيقيين لتنظيم الشباب الاحرار- كجزء من حركة النضال الفلسطيني في فلسطين1948 والضفة والقطاع والشتات وكجزء من حركة التحرير العربية من اجل تلك الاهداف ومن اجل كل الثوابت الفلسطينية والعربية في تحرير فلسطين والجولان وجنوب لبنان وضمان حق العودة وتقرير المصير, واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف…

من هذه الارضية, ومن كل المعطيات والظروف الموضوعية , تأتي اهمية دعوة حركة المبادرة العربية الدرزية في فلسطين , لعقد مؤتمر عربي, لفتح هذا الملف ومناقشة والاتفاق على خطة وطنية للرد على كل المحاولات الصهيونية القائمة والمتوقعة لاحقا بشكل موحد , ترتكز على ثوابت وحدودية لا تقبل أي انقسام وترفض أي تفرد او استفراد, ولا تقبل الا اصطفافا موحدا ضد الصهيونية وادواتها ومشاريعها.

وبالتأكيد فان المطلوب هو العمل على دعم فكرة عقد المؤتمر الشعبي, سواء اكان ذلك في داخل فلسطين, بمشاركة عربية من دول الطوق ، لانطلاق حوار ديمقراطي عريض, تشارك به تنظيمات وشخصيات وطنية, تفيد من تجربتها وخبراتها في التنظير لغد اجمل يخطو بها التضافر خطوات الى الامام زحفا على فلول الصهيونية الظلامية, وكل الاعيبها واكاذيبها وممارستها التي اقتحمت على شعبنا سكينته وحياته وحقوقه…

هذا حلمنا العتيق المدعوم بايماننا بحتمية النصر مهما بلغ الثمن, وطال الزمن.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات زائرة

المحامي توفيق عبيد: حليم ابو عز الدين .. عربي اصيل يرحل

المحامي توفيق عبيد – 16 تموز 2001

منذ خمسين عاما تقريبا تعرفت عن قرب على الراحل الكبير في زيارة له حيث قدم – رحمة الله – مع اقارب له من اجل خطبة عروس لقريب لهم تأخر كثيرا بالزواج وكان حظي كبيرا ان اضطر ( موكب العريس ) للمبيت وكانت حصتي من اقاربنا واصدقائنا اّل ابو عز الدين هذا ثلاثة رجال اذكر اني امضيت السهرة بكاملها وانا اصغي لكي استمع الى هذا الرجل الفذ الغزير العلم الكثير المعلومات المؤمن ايمانا لا يتزعزع بالعروبة المقرونة بحب عميق الى مسقط الرأس ( لبنان الجميل ) وكانت جلسة طويلة .. وهو لا يمل من فضول شاب يريد المزيد من المعرفة وكان وكان – رحمة الله – في ذلك اللقاء الذي لا انساه – في الاربعينات من العمر وكان يفور حيوية ويتدفق نشاطاً..

حلق ذقنه في الصباح الباكر وطلب مني الصحف القادمة من دمشق سأل ان كان فيها الاهرام .. وكان هيكل قد بدأ يكتب افتتاحيته المطولة فيها .. قال لي : اني اتابع ثلاثة او اربع من الصحافيين هيكل من مصر ، واحمد عمه من سوريا ، وغسان تويني من لبنان ، جذبني تعليقه على كل واحد منهم وحدثني بفخر عن اولى انطلاقته وسط الطلاب الجامعيين الذين يدرسون في اوروبا في اوائل القرن الماضي.

وتدور الايام وتمضي السنون ويدفعني ( حب القراءة ) لمتابعة هذا الرجل ليس لانه من العسيرة او لانه قومي عربي فحسب بل لانه يجمع في شخصه مجموعة من الكفاءات والمواهب النادرة والجميلة لقد كان – رحمة الله – نموذجا حيا للاستقامة والصراحة والصدق والوفاء يمارس دوره الوطني بوضوح وجرأة .. وشفافية وتواضع .. عمل في مصر فنال ووطنيته الصادقه وجرأته في مقارعته للاستعمار لتخليص مصر من قيود الاحتلال الغاشم .. وبادله عبد الناصر مزيدا من الحب والاحترام والتقدير.

فكان في موقعه في مصر اهم من سفير واكثر من رجل دولة واكثر من كاتب فلقد اعطى الدبلوماسية وهجا ورفعة واعطى لرجل الدولة ترفعا ورقة.. واعطى الادب نغمة وعذوبة .

واصدر عدة كتب باللغة الانجليزية عن ( لبنان وسياسة لبنان الخارجية) الى جانب العديد من المقالات والدراسات والندوات والمساهمات .

ورغم كل ذلك النشاط السياسي والادبي والاجتماعي والوطني والانساني والذي كان يمارسه لاتقان وتواضع..الا ان كل ذلك لم يمنعه من ان يسجل في مفكراته يومياته وانطباعاته تلك يوميا ولهذا اقول اه على من يحب مراجعة الايام الخوالي عليه قراءة ما في ( تلك الايام ) وما فيها جاءت بلغة صادقة تشع بحكمة العقل وشمولية المعرفة ، وسعة الاطلاع ونبل المقصد وطيب الغاية.. وتأريخا لمراحل عاشها الفقيد..

لقد ورث – رحمة الله – عن اهله حب العمل الانساني ونصرة الضعيف واغاثة الملهوف .. ومن ينسى المرمومين \سليمان وسعيد ومصطفى ومحمد وامين ابو عز الدين \ وغيرهم الذين تركوا ارثا كبيرا ومبادئ راسخة.

لقد عاش الفقيد اكثر من ثمانين حولا فهو من مواليد \1913\ ولهذا كان يردد قول زهير بن ابي سلمى:

من يعيش ثمانين حولا لا ابا لك يسأم

ولنا الامل ان يتواصل الابناء مع الاباء في حمل هذا الارث الذي لا يوازيه أي ارث اخر وعسى ان يبقى حب الوطن موروثا وان يستمر الخلف على سلوك السلف الصالح.

ولكن الذي هز اركان الفقيد وهو في هذا العمر انه اصيب بفاجعة كبيرة بفقد ولده \ كريم \ الذي اهله ليكون محاميا مدافعا عن ( الحق والحقيقة) وان تكون المحاماة لديه رسالة ( للحق والعروبة ) لا مهمة للتكسب او الارتزاق برحيل كريم احس الفقيد – رحمة الله – بكسر جناحه وان سكينا قد نفذ الى اعماق خاصرته فملا الحزن قلبه لكنه ظل صابرا كالليث الحصور يبكي في اهماقه رغم ان ابتسامة ( الرضى والتسليم ) ظلت مرتسمة سمحاء على وجهه الكريم.

رحل \ حليم ابو عز الدين \ صابرا على البلوى فرحات برحيله تلك القامة الحلوة “تلك” الارزه الباسقة من الجبل “من البلدة الغالية ” العبيدية” التي عشقت اسمها واهلها وموقعها لطيب اهلها زطيب معشرها ويكفيها فخرا انها تضم رفاة الراحلين من عز الدنيا الى مجد الاخرة.

رحل الرجل الفذ ومن قبله رحل رجال من اهله سبقوه بالرحيل الى خلود الموت “تاركين في صفحات الدنيا عبقا وعلى صفحات الكتب القا وفي سير الراحلين محطات وفي الزمن الصعب بصمات ومن المحزن يحملون على عاتقهم الهم الوطني والقومي قبل أي هم اخر لان مصلحة الامة في نظر هؤلاء الكبار اهم من مصالحهم الشخصية وفي هذا خطر كبير لان الصغار وما اكثرهم فب هذا الزمن الصعب يتخلون عن شرف الامة وكرامته تجاه مصالحهم الامة ، لمكسب او مغنم .. ومثالي على ذلك “وزير خارجية موريتانا ” الذي جاء للقاء مع غطرس اسمه “شارون”…

برحيل \ حليم ابو عز الدين \ خسر المنتدى القومي واحدا من مؤسسيه كما خسر المؤنمر القومي العربي واحد من اركانه وخسر لبنان لبنانيا اصيلا احب لبنان الشامخ بين كل الاقطار العربية لكونه بلد الحرية والحضارة والديمقراطية والتعددية السياسية.

وخسرت العروبة فارسا اصيلا احب بصدق تلك العروبة وقواعها الثابته الرواسي لان العروبة عنده ممارسة يومية وسلوكا .. وفكرة.. وعقيدة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter