Posted in مقالات وطنية

شذرات ذاكرة

الرأي 23\11\2007

أتذكر وخلال عقود خلت كم كانت ثقافتنا مغايرة تماما في العديد من المواضيع لما هو سائد حاليا ولعلي أنشد في هذه العجالة أن لا أطرح مقارنة بل أن القي الضوء على بعض الصور أو اشكال النهج الذي نمارسه أو نرقبه ممارس علينا وسنبدأ بالحديث عن الانتخابات النيابية طالما أننا نعيش في الفترة الحالية أجوائها وحرارتها وشعاراتها ولقاءتها ، فإذا نظرنا إلى شعارات دورة 1989وما تلاها نلحظ الشعارات المتعددة شكلا ومضمونا المرفوعة على اليافطات من حريات عامة ورفض التطبيع واولوية قضية فلسطين وتطوير التعليم و…وأما العنصر الخدماتي فكان مستبعدا ويعلن عن ذاته بإستحياء كون المعركة معركة سياسية قوامها الرقابة والتشريع وليس المطلوب نائب الخدمات.

وأما في هذه الدورة فتكاد تخلو اليافطات من الشعارات فأن النائب فيعلن عن نفسه بتباه أنه نائب للخدمات بامتياز قبل كل شيء بالاضافة الى مكائد استدرار الأصوات بكل الوسائل حتى بامال كان وخلال هذه الدورة قد تنامى بتسارع وبأعذار مختلفة.

لا أريد أن أغرق في التطرق لمستوى خطاب مرحلة الانتخابات النيابية وبذات الوقت لا أستطيع أن أفضل ذاك الخطاب عن ثقافة كنا نحياها وعن ثقافة أخرى اصبحت أردناأم لم نرد عنوانا لهذه المرحلة ، على سبيل المثال كان الاعلام يحارب مع الطليعة المثقفة وسائل كانت تدرجها تحت عنوان الاستخفاف بعقول واذواق الجماهير مثل قراءة  الابراج اما الان فلقد اصبحت وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تتسابق في تعدد برامج قراءة الابراج ولقد اصبح تأثيرها اقوى من خلال تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضائيات لا سيما الفضائيات الخاصة.

وعلى ذكر الفضائيات لا بد من ذكر الشريط المتحرك اسفل شاشة التلفزيون وما يحمله من اخبار ومعلومات ومراسلات وما يلفت باستهجان الغرامية منها واحاديث تعتبر في زمن غير هذا احاديث غير لائقة وفي هذ المقام اريد ان اذكر بأننا ومنذ زمن ليس بطويل وحتى يومنا هذا فالطبيعة المحافظة لدينا لم تدع ان يكون مباحا الحديث او التطرق لاي كلام من هذا النوع.

وليس آخراً أريد أن أدون صورة عن منظومة القيم التي تشكل بمجملها ثقافة انحدرت لنا بشكل موروث ثري تتغنى به فمنذ فترة بثت المحطات الفضائية مسلسلا سوريا لاقى رواجا عظيما على مدى الساحة العربية ألا وهو مسلسل (باب الحارة)، أما باب الحارة فهو ومن اسمه باب عندما يوصد قد عزل الحارة عن خارجها خوفا من اي تطاول ،ربما لان هذه الحارة تشكل وحدة صغيرة من من مكونات الوطن او اسرة كبيرة تسهم في حماية الوطن من خلال تنظيم نفسها وحماية مكوناتها ، هذه الحارات وعلى شاكلاتها  القرى والمناطق ومن خلال تقاليد موروثة كانت تشكل قوامها المحبة والاخلاص والعروبة والوطنية والكرامة والكرم والشهامة واغاثة الملهوف… وكان يعتبر ذلك ضمانة لمصلحة الوطن ، واعتقد وبسبب تعدد مصادر الثقافة وتعدد مناهل المعلومة وازدياد عدد السكان كلها بمجملها افتقدتنا مثل نماذج فكما ان اصل القرية او الحي او الحارة … ونتحدث هنا عن النموذج السوري بمناسبة الحديث عن العمل الدرامي المذكور كانوا متضامنين متكافلين بأفراحهم وأتراحهم وحمايتهم لمناطقهم ولعاداتهم وأعرافهم فأيضاً هم ذاتهم حينما إتكأوا الى تماسك إجتماعي وسياسي وتكافل بكل أشكاله ، استطاعوا أن يضربوا مثلا كوحدات اساسية متينة في بناء الوطن وان يشيدوا علاقة جدلية منسجمة تماما مع مصلحة الوطن فسطروا بإرادتهم ووطنيتهم أروع الملاحم في ثورتهم ضد المستعمر الفرنسي رغم شح إمكاناتهم ،حيث حولوا الواقع الى اسطورة فالبندقية التي تصوب نحو الطائرات والرعب الذي يخلقه هجوم فارس مغوار على دبابة ،يدخل عمامته في سبطانة مدفعها ويتسلق على البرج ويكيل الضربات بعصاه على الغزاة في برجهم فحققوا بتلك النضالات انتصار الثورة السورية التي قادها سلطان باشا الأطرش وصولاً إل انتهاء الاستعمار الفرنسي.

هذه شذرات من الذاكرة الحية وقد ازدانت بلمسات الماضي العريق والتراث التليد وملامح سمة العصر الحالي من تطور وحضارة ولا شك ما بين هنا وهناك بعض السوءات التي لا شك ان لها امكاناتها على تشويه ثقافة الجماهير.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

رأي آخر – أحداث البقيعة

الرأي 16\11\2007

عودتنا الفضائيات العربية على نمط من التلقي للأخبار والمعلومة حيث تتسابق كاميراتها ومندوبوها الى احداثية الحدث اينما كان قدر الخطورة ، حيث يحتاط المندوبون بما تيسر من وسائل الوقاية وتوفير الحد المتاح من وسائل درء المخاطر ويبقى في الواقع قدر ليس بسيطا من المخاطر التي يتجشمونها للوصول الى مركز الخبلا وهذه للأمانة تسجل بكل احترام لهم وللعديد من الإعلاميين الذين شاهدناهم في الحرب المجنونة على لبنان وقبلها في الغزو الوحشي على العراق كيف كانوا يخدمون مهنتهم ومن خلال المواطن وقد أدى ذلك لغير مرة بذل التضحيت وحتى الأرواح في سبيل ذلك .

وأما ما مستهجن أن تتوانى تلك الفضائيات النجيبة والنشطة الى جانب العديد من الصحافة الرشيقة عن تناول الصلف الاسرائيلي الذي اعتادت عليه جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والجولان وداخل الخط الأخضر (أراضي 48)وحتى نكون موضوعيين ومنصفين نقول ان قوات الاحتلال الصهيوني تمنع الفضائيات العربية من القيام بدورها بل وتحتكر ذلك لوسائل الاعلام المحلية ، وفي الواقع هنا يبرز دور هذه الفضائيات ووسائل الاعلام العربية الاخرى في الحصول على المعلومة ونشرها بما يعوض التعتيم الحاصل.

في فجر يوم الثلاثاء 30\10\2007وفي الليل الدامس داهمت قوات الاحتلال الاسرائيلية قرية البقيعة الجليلية واقتحمت وشنت حربا حقيقية ضد أهالي هذه القرية الوديعة بعدد من الرجال الشرطة قدر بحوالي 200شرطي في الحقيقة تجاوز ذلك الرقم بأضعاف حيث ذكر أهالي القرية بأنه تجاوز الألف شرطي بأسلحتهم وذخيرتهم الحية حيث سقط ما يقارب 47جريحا من الأهالي برصاص قوات الاحتلال وقام الاهالي بأسر شرطية يهودية بقيت بالاسر حتى تم مبادلتها باثنين كانت اعتقلتهم الشرطة من أهالي القرية .

أصل القضية وسببها هو أن في القرى العريبة قد شارع تركيب أبراج للهواتف الخلوية ولقد أقيم برج في قرية البقيعة ، وهناك نظرية ترجح سبب مرض السرطان الذي تزداد اصابته للاهل هناك من وجود تلك الابراج داخل القرى تقدم اهل البقيعة يطلب للحكومة لازالة ذاك البرج وبقي التسويف الى ان طفح الكيل فتم احراق البرج من قبل اهل القرية فاتخذت قوات الشرطة ذلك مسوغا لاقتحامها القرية بشكل غير مسبوق وبدأت بإطلاق النار والتفتيش وحلات الدهم والارهاب والبحث عن مطلوبين كما تدعي الحكومة العبرية ورغم ان الاجماع كل الهيئات وأعضاء الكنيست والاعلام والعديد من الشخصيات حتى اليمينية منها على ان المسؤولية تقع على اشرطة الا ان الحكومة حتى الان ترفض الاعتراف بذلك وترفض تشكيل لجنة قضائية للتحقيق بالحادث ان الحراك السياسي في الداخل الفلسطيني قد خلق ومنذ زمن من الصراع تقاليد فرضتها ظروف المواجهة ، وفي هذا الحادث فقد أمت قرية البقيعة الوفود والشخصيات من كافة انحاء فلسطين والجولان لاعلان التأييد والمؤازرة ومن اللافت ان العناصر العربية المجندة والتي دائما تكون موضع رهان قد خلعت بزتها العسكرية ورفضت مداهمة القرية ورفضوا محارية أخوانهم عرب البقيعة .

نعم ان الاحتلال حالة لا انسانية لا يتقبلها العقل والمنطق ولا يقبلها اي قانون ومثل هذه الحالة تكون مؤسسات دولةالاحتلال في حالة بطش دائم يتجلى بالدهم والترحيل والقتل والسفك والاعتقال والمصادرة كإجراءات ضمان لبقاء هذه الدول الغازية وبكل تأكيد هناك حالة من الكفاح الشعبي الذي يتجلى بكل من أشكال الدفاع عن النفس والتعبير عن القهر الموروث من جيل الى جيل ، فما مداهمة القوات الغاشمة لقرية البقيعة الا تعبير عن ثقافة المحتل الصهيوني ، وما هبة اهل البقيعة البطلة الا تعبير عن الرفض الدائم لسياسات الاحتلال عن اعتقال ومصادرة اراض وفرض قوانين ظالمة وعدم عدالة في التعامل والدعم للمجالس .

ان احداث البقيعة لا يمكن لا يمكن النظر اليها الا ضمن سياق العنجهية الصهيونية التي تتبعها الدولة العبرية بشكل منهجي ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، وهنا تكمن الاسباب الحقيقية الموضوعية والمتراكمة لتلك الاحداث . فداخل الخد الأخضر هي انتقال الى نهج أكثر صلفا خاصة وبعد ان فشلت كل الاساليب الصهيونية التي انتهجت عبر العقود الماضية سياسة فرق تسد،وبعد ان ارتفعت وتيرة الرافضين من العرب الدروز في الداخل الفلسطيني وتعاظم دور التنظيمات وتعاظم دور التنظيمات الدرزية الكفاحية التي ناضلت ضد قانون التجنيد الالزامي منذ1956وحتى يومنا هذا

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter