Posted in العرب الدروز

دروز 1948 وحلف الدم المزعوم

الرأي 6 / 5 / 1998

” في محاولة لالقاء الضوء على واقع العرب الدروز في الاراضي الفلسطينية المحتلة بعيدا عن بنية الجوقة التي امتهنت عبر عقود الخطاب المتشنج واطلاق التعميمات وتبادل كيل الاتهامات والمزاودات ، ولكي نسهم في تكريس منهجية البحث البعيدة عن التمترس مما يفوت الفرص على المشروع الصهيوني في النيل من وحدة الامة عن طريق اثارة النعرات وبث الشائعات والدسائس والمؤامرات ، فلقد كان هذا المقال ” .

في 25/8/1991 عقد دروز الارض المحتلة اجتماعا حاشدا في مقام الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري رضي الله عنه لدراسة نشاط الاجهزة المشبوهة التي تعمل ضمن خطة الدولة والمشروع الصهيوني وضمن اولويات مدروسة في محاولة جديدة تهدف الى سلخ الدروز عن الجسم العربي الواحد كواحدة من المحاولات التي دأبت الدولة العبرية عليها لخلق اجواء التفتيت والتجزئة في الصف العربي باكثر من اسلوب ومؤامرة استهدفت الشعب العربي الفلسطيني ووحدته عن طريق تفتيته من الداخل واضرام الفتنة فيه.

لقد اسفر الاجتماع عن قرارات جلية لا بأس فيها تفضي الى اسقاط مؤامرة خطيرة استهدفت البعد الثقافي للشعب الفلسطيني لما لهذا البعد من اهمية في صياغة مشاعر الامة وبناء حاضرها ومستقبلها ، وكان من اهم القرارات التي تمخض عنها الاجتماع : الرفض القاطع لقرارات الدولة في اقامة المعهد الدرزي في جامعة حيفا او غيرها وتعليم التراث الدرزي ، ولقد دعا القرار الى رفض اقامة المعهد والى الغاء تعليم التراث الدرزي .

ان هذين القرارين قد عبروا عن وعي متقدم وادراك لطبيعة المؤامرة التي صاغتها الدوائر الصهيونية بما اسمته التراث الدرزي بمعزل عن التراث العربي الاسلامي .

ولقد عمل على تفعيل هذه القرارات العديدة من رجال الدين والشخصيات الوطنية وعلى رأسها لجنو المبادرة الدرزية المكافحو التي عملت منذ تأسيسها على نشر الوعي ومقارعة الصهيونية ودسائسها على الشعب الفلسطيني والامة العربية .

اما مسألة تعليم التراث الدرزي في المناطق الدرزية فترجع الى توصية لجنة تبنتها حكومة اسرائيل عام 1975 هي ” لجنة بن دور الاولى ” حيث قررت الحكومة بناء على توصيات اللجنة فصل التعليم الدرزي عن التعليم العربي ، وتنفيذاً لذلك شكلت ” لجنة المعارف والثقافة للدروز ” حيث تركز نشاط هذه اللجنة على تكوين وبناء الهوية الدرزية الاسرائيلية خلافا للهوية العربية للشعب الفلسطيني الواحد ، وتفعيلا لدور هذه اللجنة في السعي لاهدافها تم تشكيل طاقم تفتيش خاص ومناهج وبرامج تعليمية خاصة كان الهدف من ذلك تعليم التراث الدرزي كبدء في مخطط خلق مشوه للهوية الدرزية بعيدا عن جذرها القومي.

بعد ذلك كانت ” لجنة بن دور الثانية ” عام 1991 التي اوصت بان يقوم ” مركز بحوث عن الدروز ” تكريسا لذات الهدف في تدريس التراث الدرزي ، فكان قرار الدروز صريحا يتحدث عن الحاضر والمستقبل في رفض مراكز البحوث الدرزية في جامعة حيفا آنذاك او في غيرها حاضرا ومستقبلا .

ان السياسة المنهجية الرسمية التي اتبعتها الدولة العبرية منذ عام 1975 وما قبلها يستهدف الجسم العربي الواحد ليس في خلق واقع درزي بعيد عن واقع امتهم العربية فحسب وانما ايضا بوضعهم وتركهم في عزلة ثقافية قاتلة ، واما حلف الدم الذي يزعمون فلقد عامل الدروز على انهم عرب في الحقوق ، يهود في الواجبات ، هذا ما تؤكده الحقائق وممارسات اسرائيل ، فرغم ان العرب لديهم المعلمون الاكفاء اصحاب الاقدمية بكثير من الوسط اليهودي الا ان نسبة التعليم مثلا لدى العرب الدروز في الداخل 0.7% وعند الوسط العربي العام 3.7% واما الوسط اليهودي فهو 14% وهذا بالتأكيد يعود الى المخطط المرسوم في سياسة التجهيل لدى الاوساط العربية والتي كان العرب الدروز هم اكثر المتضررين بها.

ان تدني نسبة التعليم هذا هو نتاج تخطيط سنوات وذلك يتضح من خلال الامكانات المتواضعة المتاحة للطالب والمدرس ووسائل التعليم بالاضافة الى الخدمة العسكرية ذاتها التي تصورها الدعاية الاسرائيلية بانها امتياز الدروز في حين انها في حقيقة الامر عوامل تدني التعليم لديها .

ان هذه الاحصائية حول نسبة التعليم هي من تقرير ” المركز اليروشلمي ” شبه الرسمي الذي عمل على اخراجه الى النور د. جبرائيل بن دور رئيس لجنة بن دور وزريدان عطشى منفذ قرارات لجنة بن دور الثانية واسعد عرايدي رئيس مجلس المغار المحلي ، اذا هي ادانة صريحة للمنهج الصهيوني من لسانهم وفمهم.

ان الدعاية الصهيونية قد امعنت منذ قيام الدولة العبرية في اظهار الدروز بانهم منسجمون مع قيام دولة اسرائيل ومع سلطة الدولة واذا اردنا التحدث بموضوعية عن الحملات الشرسة التي حاولت النيل من تاريخ الدروز وعروبتهم نقول ان تلك الحملات كانت من جبهات مختلفة:

اولا : الجبهة الاسرائيلية : والتي اتبعت كافة الاساليب والمؤامرات في استغلالها لبعض القيادات التقليدية واستثمار ارادة الدروز الحازمة في البقاء على ارضهم ، وتفعيل دور عملائها في الاوساط العربية من الدروز وغير الدروز في تحقيق ما تسعى اليه عن طريق ما يلي :

  1. فقانون التجنيد الالزامي الذي شمل ابناء الدروز اضافة للشراكس والبدو والكاثوليك ورغم ان عدد المجندين الدروز لا يتجاوز بعض المئات الذين يساقون سوقا الى الخدمة العسكرية ورغم ان قوائم المتطوعين في جيش الاحتلال اصبحت تشكل الظاهرة الاخطر ولا يشكل الدروز نسبة تذكر بالنسبة للاوساط العربية الاخرى ، فلقد اسبغت اسرائيل على التواجد الدرزي في الخدمة في حرس الحدود تحديداً صفة الشراسة مع العرب الفلسطينيين عن طريق ادعاء الجلادين الصهاينة بانهم دروز.

  2. الاستيطان ومصادرة اكثر من 80% من اراضي القرى الدرزية في الجليل الاعلى والكرمل .

  3. محاولة توظيف المواقف الدينية والمذهبية الى شيء من المناكفات السياسية والقومية عن طريق ما اسمته بالقومية الدرزية وخلق ما يسمى بالتراث الدرزي .

ثانيا : الجبهة الدرزية التي دأبت بدافع العصبية الضيقة على تبرير اخطاء وارتباطات بعض القيادات الدرزية التقليدية المشبوهة ، وتجميل الظروف الحياتية القاسية التي يعيش في ظلها ابناء الدروز واظهارهم وكأنهم ينعمون بهبات الدولة التي تمن بها عليهم متجاهلين نسبة الضرائب الهائلة المترتبة على المواطن هناك ، وان معاملتهم من قبل الدولة لا ترتقي الى مستوى تحقيق العدالة والشواهد على ذلك كثيرة.

ثالثا : جبهة تقودها عقلية احداها مضللة ” بفتح اللام” والاخرى مشبوهة بارتباطها ، هذه الجبهة كان لها دور كبير في نشر الشائعات التي روجت لها اسرائيل ضد الدروز دون البحث الجاد عن الظروف التي يعاني منها الدروز وغيرهم من عرب الاراضي المحتلة والمؤامرات التي ما انفكت تتوالى عليهم منذ ان كانت اسرائيل وقدرتها على الترغيب والترهيب في سبيل تكوين قوائم من المأجورين في الاوساط العربية لخدمة اهدافها وضمن التكتيك المرسوم ، هذا بالاضافة الى تماديها في الكذب والدس والتزوير وخلق الشائعات ، فاثناء الانتفاضة الفلسطينية المباركة اجرى التلفزيون الروماني مقابلة مع سفيري اسرائيل وفلسطين على خلفية التقرير التلفزيوني الذي هز مشاعر العالم حين عرض ممارسات لا انسانية من جنود الاحتلال لتكسير ايادي شبان فلسطينيين مقيدين ، فكان تعليق السفير الاسرائيلي بان الجنود اليهود حضاريون ولا يلجأون الى مثل هذه الاعمال واما هؤلاء الجنود فهم دروز ، مما دعا السفير الفلسطيني آنذاك حكم بلعاوي الى تكذيب ذلك وتفنيده وابراز حقائق موثقة عن اسماء الجنود وارقامهم ووحداتهم وانهم حقيقة يهود ، وما هذه الا واحدة من العديد من محاولات الدس وتزوير الحقائق .

ان واقع الدروز في فلسطين هو وضع مرير ضمن الاشكالية التي عملت على خلقها لهم الدولة العبرية منذ قيامها ، فرغم مصادرة الاراضي ورغم التعذيب والملاحقات ، ورغم الاجحاف في حقوقهم هم باقون على ارضهم واسرائيل تعي ذلك وهي لا تستطيع ان تخفي طموحها في تفريغ البلاد من سكانها فما هو الا تصريح للمتطرف مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ العنصرية عندما سئل عن انه هل يطالب بطرد الدروز بالرغم من خدمتهم العسكرية فرد قائلا بسخرية : نعم لكننا سنحرص على توفير حافلات مكيفة لهم !! .

لقد كان لامتداد الوعي القومي لدى الدروز وتنامي مشاعر الوطنية لديهم لدرء الخطر عنهم وعن تاريخهم ومكافحة المحاولات الصهيونية في اقتناصهم من الجسم العربي الواحد وبترهم عن تاريخهم وافقادهم تراثهم الذي لا يتجزأ عن التراث العربي الاسلامي ولمكافحة الخدمة العسكرية والاستيطان ومصادرة الاراضي ، ان تأسيس تنظيم الشباب الاحرار عام 1956 كرد فعل لنظام الخدمة الالزامية التي سنها بن غوريون عام 1956 على الشباب الدروز.

لقد كان الوريث الشرعي لتنظيم الشباب الاحرار هو ” لجنة المبادرة الدرزية ” التي تأسست عام 1972 والتي من اهم اهدافها :

  1. الغاء التجنيد الاجباري للشباب الدروز.

  2. النضال ضد مصادرة الاراضي واعادة ما قد صودر.

  3. النضال ضد تدخل الدولة العبرية في الشؤون الدينية.

  4. النضال من اجل السلام العادل والشامل الذي يقوم على احقاق الحقوق الشرعية للشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وقيام دولته المستقلة على ترابه الوطني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

ان كفاح لجنة المبادرة الدرزية هو كفاح مرير ومما يدعو الى تثمين دورها هو خلو الساحة حين تأسيسها من التنظيمات الحزبية التي تتبنى برامج منظمة التحرير الفلسطينية اذا ما تم استثناء الحزب الشيوعي وبعض الاحزاب التي تأسست فيما بعد كالحزب العربي الديمقراطي ” حوالي 1989″ فكانت المسؤولية التي نهضت بها مسؤولية وطنية مضاعفة.

ان عدد الساعات التي قدمها الشباب الدروز الاحرار حتى عام 1993 لرفضهم الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال تقدر بخمسة الاف سنة سجن ورغم هذا التنكيل فان الاعداد الرافضة للخدمة تتنامى يوما بعد يوم وهذا ما قد اعترف به مسؤول من مكتب التجنيد في حيفا لصحيفة ” كول يد” الحيفاوية في شهر 9/1989 حين قال : ” ان عدد الدروز الذين يخدمون اقل من الذين يرفضون الخدمة “.

ولعل الاصرار على رفض الهوية الاسرائيلية التي تحمل عبارة القومية : درزي وتتويجها برفع قضية من قبل الشيخ جمال معدي رئيس لجنة المبادرة الدرزية حيث انه قد كسبها مؤخرا نيابة عن كل العرب الدروز في الاراضي المحتلة حيث اصبحت : القومية : عربي ، يعكس صلابة الاحرار في بقائهم ودفاعهم عن الارض والوطن وامتهم العربية الواحدة وقضيتها العدلة .

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in العرب الدروز

تمييز اسرائيل لدروز 48 اكذوبة سقطت الى الابد

الرأي 9 / 1 / 2004

كان الاجدر بحكومة شارون ان تستدرك خطاها فتسمح لوفد العرب من دروز التداخل الفلسطيني ان يواصل رحلته الى لبنان لتأدية التعزية بوفاة المرجعية الروحية للموحدين الدروز سماحة الشيخ ابو حسن عارف حلاوي ، لكن التعنت الاسرائيلي يسقط كل الحسابات امام الصفة العنصرية في تكوين الدولة العبرية ، فلقد كان من ابرز سمات ادوات المشروع الصهيوني ضمن معطيات عجزه الطبيعي والموضوعي في الحفاظ على بقائه وديمومته في مواجهة عدالة الحق العربي والفلسطيني وهو سياسة المراوغة والكذب والدسيسة في سبيل خلق حالة من التشرذم والتفتيت والتفكيك في مفاصل الجسد العربي، ولقد قدر للعرب الدروز ان يكونوا حالة استهدفتها المخططات الصهيونية في تخليق فصل من فصول التجزئة والتفريق في المشهد العربي ، ولقد دفع الدروز المحصنون بتاريخ عريق يوشح صفحات التاريخ بشموس المجد والحرية ، الثمن باهضا تبعا لتلك السياسة ، فلا يكفي انهم وقعوا تحت ظلم قانون الخدمة الالزامية الجائر الذي بموجبة كانوا يساقون سوقا ولا يزالوا للخدمة.

الا انهم اضافة الى ذلك ظلموا كغيرهم من عرب 48 بمصادرة اكثر من “80%” من اراضيهم ، وتدني نسبة التعليم وعدم انتشار المهن لديهم وقد وقعوا ايضا ضحية دس رخيص استهدفهم بالعديد من اشكال الممارسة الصهيونية ، كأن يدعي المحقق والسجانون الصهاينة بانهم دروز وان اهم ما وقع عليهم من ظلم هو المحاولات البائسة التي استمرت طوال العقود الماضية لاجتثاثهم من قلب امتهم العربية والاسلامية ، ربما كان في هذا المقام من المناسب الحديث عن اهمية وضرورة الطلائع الوطنية للتنظيمات السياسية في صد المؤامرات وكشفها في نشر الوعي بين الجماهير خوفا من التضليل ، وهذه التنظيمات قد ظهرت عمليا وبشكل فاعل ، متبنية البرامج السياسية الخاصة باسقاط الظلم الجائر الخاص والاضافي الذي وقع على الدروز والذي سمي امتيازا لهم كقانون الخدمة الالزامية ، بعد تنظيم الشباب الاحرار 1956 بانطلاق لجنة المبادرة الدرزية في عام 1972 وبعدها حركة المبادرة الدرزية المستقلة وميثاق المعروفين الاحرار ، ولقد كانت مثل هذه التنظيمات قليلة ان لم تكن معدومة على الساحة الفلسطينية في الوقت المبكر الذي بدأت فيه تحاك خيوط المؤامرة الصهيونية على ارض فلسطين ، فمهما بلغت قوة الدفع النضالي لدى الجماهير اذا كان مجردا من تنامي الوعي بواسطة المنظمات الجماهيرية فان الحالة الشعبية تكون عرضة للوقوع في الشراك المعادية ، وهذا ما قد وقع لدى عرب 48 بمحاولة تفتيتهم من خلال العمل على اقتناص الدروز والشراكس والبدو والكاثوليك .

ان ما قد حصل من تنظيم الوفدالدرزي وتصميم هذا الوفد على القيام بالسفر يوم الاحد4/1/2004 رغم المنع للاسرائيلي هو شكل من اشكال التنظيم وتنامي الوعي الذي يتحرى الواقع ويرصد موطن الزيف ويستحث الخطى في درب النضال في سبيل نيل الحقوق رغم كل الاسلاك الشائكة والاكاذيب والدسائس وهو ايضا عامل من العوامل الهامة التي بمجملها ستخلق تغييرا نوعيا في الحالة الدرزية وعلاقتها الجدلية مع جذرها العروبي والاسلامي من جانب ، ومع الجانب الصهيوني وادعائاته واكاذيبه ودفن مقولة حلف الدم المزعوم والى الابد من جانب اخر ، ولقد جاء المنع الاسرائيلي في ظل الموافقة الذكية والمبدئية من سوريا ولبنان كخطوة ليست في مصلحة الدولة العبرية امام ادعاءاتها التي عملت على نسج سيناريوهاتها طوال سنوات.

فمنذ بداية مرحلة اتفاقيات السلام التي تختلف الاجتهادات حول صحتها او عدمها ، واسرائيل تبحث عن خلق ظروف مواتية لكي تفرض تطبيعا حسب مواصفاتها وبظروف تلائمها ، والا فهي جاهزة في كل حين لرفض أي تطبيع مشروط يحقق قدرا من العدالة ، فكيف باحاسيس وجدانية ترحل مسافرة رغم كل الحواجز والاسلاك الشائكة تبحث عن حق طبيعي في التواصل مع امتدادات جذورها القومية والدينية والاجتماعية.

بالتأكيد انه من المتوقع ان لا تسمح اسرائيل لمثل هذا الوفد بالمرور الا اذا هي ضحت بكذبتها المزمنة بان الدروز مميزون عن غيرهم من العرب داخل الخط الاخضر ، ولسوء طالع اسرائيل وبعد الجهد الذي بذل لصياغة مثل هذه الاكاذيب طوال العقود الماضية لتأتي ارادة مناضلي الداخل لتختصر كل تلك العقود وتذيب كثبان الكذب الذي تراكم طيلة السنوات الماضية، سيما وان اسرائيل كانت تراهن دائما على عدم موافقة الجانب السوري واللبناني ، فجاءت الموافقة السورية واللبنانية صفعة في وجه الصهاينة لتضيف لتعرية المواقف الاسرائيلية ووضعها في زاوية من الاحراج لا تخرج منها الى الابد سيما وان الوفد وخلفه كل دروز 48 سيعيدون النظر في الواقع الدرزي في الداخل وسيحفرون في الذاكرة يوم الاحد المشهود ليبقى هذه المرة البوصلة التي تسقط والى الابد كل المقولات سيئة الصيت وعلى رأسها قانون الخدمة الالزامية ومقولة حلف الدم المزعوم…

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

الامبريالية والصهيونية .. أعداء الشعوب

الدستور 21 / 8 / 1990

منذ بداية الفترة التي ازدانت بالسمة التي ميزت وتميز المرحلة القادمة من تاريخ الشعوب وهي سمة التغيير والديمقراطية ، والشعوب العربية على عتبة خطوات ما بعد السباق ، فبعد ترهل الجسم العربي ، وبعد ان غابت كل الاقمار من السماء العربية ، وبات الليل طويلا والارض عاقرا ومات في الخلد حتى الوطن ، لا بد ان ينبت الوطن ثانية ويكبر ليصبح بحجم السماء العربية والامل العربية.

ان مجمل السنوات والعقود التي مرت بها الشعوب العربية مقايضة الود مع امريكا وسياسة ملء الفراغ ، التي نالت من كرامة العرب ، اقول ان مجمل تلك السنوات والعقود هي نتائج ليست مرضية في كافة المجالات والخاسر هو نحن الامة العربية ، لا اريد ان اخوض في تفصيلات التراجع ومواطن الخسارة التي منينا بها ، ونحن نغازل الاستعمار بشقه الحديث الذي اسمينا تسلطه سلطة الاب الحاني ، ونهبه لخيراتنا تسويقا لبضائعنا ، ومصادرته قرارنا وتحمل مسؤولية اتخاذ القرار نيابة عنا …

اريد هنا فقط القول ان كل تلك الظروف انتجت لنا مواطناً عربياً من نوع خاص ، بصمات مرحلة التردي تلك لهل آثارها عليه ، ثقامة ومسلكاً وتفكيراً ، هذا المواطن ونتيجة الظروف السلبية المتوالية احبطت فيه عزيمة الاقدام والفعل ، وبات يبعث انظاره تجدف لتعتلي صهوة موجة تتعالى ، ترتفع فاذا بها تتراجع وتنطفئ ، لتستقر مستكينة ، هذا المواطن جدف بقوة لكي تسير السفينة لكن الامواج المتلاطمة واطماع القراصنة لم تترك له فرصة السير والسفينة ، وهكذا كان وهكذا انطفأت في احداقه الرؤية ، وبات ينام يغرق في رؤى جميلة يغرفها من وعاء اماله التي عجزت اليقظة ان تأتي بها .. هكذا امسى المواطن انسانا ينتظر سحابة ماطرة تغدق الخير ، ينتظر فارسا يشرق مع الفجر بحد سيفه يفصل عن الحقيقة كل الزيف ، ينتظر بدرا يبدد فلول ليل فيه كان يفقد .

ليس من حسن الطالع ان يجد هذا المواطن نفسه امام تحد كالتحدي المفروض على الامة العربية في الوقت الراهن ، وما ذاك الذي يجري نتيجة لازمة الخليج بين الكويت والعراق سوى احدى نوبات الصراع القائم والتحدي الاكبر.

انا لا اقلل من اهمية ان تتركز انظار الامة في شخص قائد يسير بها الى امجادها ، وينطلق بها الى انتصارات طال الزمان وما عادت تمارسها ، ولا يسعني الا ان اقف صاغيا لانشودة تغني لقائد مظفر ، مثلما استرق السمع واغني بنفس الرتم اغنية تحدثني عن الصبح ، عن الفجر الذي سيتفتق من غياهب الظلمة حق امارسه وانا الذي ما زلت انسانا لا تنكر علي كل الدساتير حقي ، فحقي ان افرد جبيني المقطب ، وحقي ان ارفع هامتي ، وتنتصب قامتي ، وحقي ان اختار بان ابقى واقفا ممتشقا كرامتي ولا اركع.

ان القضية دخول الجيش العراقي الاراضي الكويتية ينظري ذات شقين : الشق الاول : التهديدات الامريكية للمنطقة ، وهي ليست جديدة فدأب امريكا التربص بالامة العربية والبحث عن مدخل لها للتواجد في هذه المنطقة كواحدة من المناطق التي تسعى بشراسة لنشر نفوذها فيها بكل الوسائل حتى بافتعال الاحداث ، والواجب بهذا الشق من القضية يقضي ان تقف الامة العربية والى جانبها كل حركات التحرر في العالم صفا واحدا ضد كل التهديدات السافرة وضد الجوقة التي تقودها الامبريالية والصهيونية ، وان تستنهض كل الهمم ضد تلك الغطرسة التي ما فتئت تسقط من حساباتها ارادة الشعوب ، وهي التي لا زالت تذكر كل بوارج امريكا والات الدمار ، وكل غطرستها في فيتنام ولبنان وبنما … وكل وقوفها الداعم لاسرائيل ، فامام التحدي الامبريالي الصهيوني كلنا عراق وكلنا اردن وكلنا سوريا … وهذا يقتضي العمل على كافة المستويات على مقاطعة كل ما من شأنه ان يسوق امريكا اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا.

الشق الثاني للقضية : وهي القضية العربية ( مسألة العراق والكويت ) وهذه تقتضي تطويق المسألة واحتواء الازمة عربيا دون تسويف بها ودون أي تدخل اجنبي ودون التورط في تدويلها فهي ازمة عربية تستطيع الامة العربية الخروج منها اكثر جبروتا واكثر قدرة على بنيان الجسم العربي المارد واكثر حفاظا على ثروات العرب ذخرا وسندا لبناء الارادة العربية ، واكثر امكانية لترسيخ القومية القادرة على البقاء وصيانة ذاتها ، وحل كل اشكالاتها على قاعدة الحوار ودون اللجوء الى لا اي سابقة قد لا نستطيع ان نتوقع حجمها وابعادها.

ولتكن كل الجهود باتجاه القضية المركزية قضية الصهيونية والامبريالية التي لا تنفك تكشف عن فصول شراستها واطماعها في المنطقة العربية ومحاولاتها قتل كل نهوض عربي يجسد الارادة العربية وينشد تحرير القرار العربي والثروات العربية .

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

سلطان الاطرش .. وذكراه الثائرة

في ذكرى وفاة سلطان الأطرش القائد العام للثورة العربية السورية السادسة عشرة التي تصادف في 26 آذار لا أجدنا أحوج من الحديث عن ذكراه سوى الحاجة للحديث عن القضية التي شكلت على امتداد السنين القضية المركزية للأمة العربية و التي دونت فصلا وتجليا حقيقيا لضالات الأمة العربية في سبيل العروبة وصون الأرض والعرض.

كلما تحدثنا عن رمز من رموز الوطن تأخذنا الذاكرة بعيدا حيث بدايات القضية التي لم يعرف لها العصر الحديث مثيلا, القضية التي طفح بها هذا القرن قتلا وتنكيلا وتشريدا وإمعانا في محاربة السلام وأرض السلام, تمر السنون والعقود, يحملنا واقع يتهاوى إلى ما نحن عليه ويحملهم ذات الواقع إلى مزيد من الغطرسة والممارسات الصهيونية وتبرئة خنجر القاتل وشنق جثة المقتول وتجريد السلام من أي فحوى للعدالة وتركه سلاما مسخا ليس من أبجديتنا لكنه السلام الذي يعرفون.

من بدايات نضالات الأمة العربية ضد الغزاة الصهاينة نستذكر تشكيل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي وإرساله إلى فلسطين, إن التجربة رغم تواضعها وضعف الإمكانات عددا وعدة, إلا أنها تعكس بحق الجذور القومية للمعركة واندفاع الشعوب العربية لدرء خطر المشروع الصهيوني.

هنا لا بد من القول أن من الفرق الأساسية التي شكلت بمجموعها جيش الإنقاذ فرقة جبل العرب برئاسة المجاهد شكيب وهاب.

إن هذه الفرقة قد تشكلت بتنسيق ما بين فوزي القاوقجي وسلطان الأطرش عندما أتى يسأله الرأي في تشكيل جيش الإنقاذ. لقد سيطرت فرقة جبل العرب المكونة من أربع سرايا تحمل أسماء المعارك الكبرى التي خاضها الثوار الدروز ضد الفرنسيين عام 1925 (الكفر, المزرعة, المسيقرة, الفالوج) أروع ملاحم البطولة و الفداء حيث اشتركت في جميع المعارك التي جرت في شمالي فلسطين بين خليج حيفا وأراضي شفا عمرو, وأنزلت اشد الضربات بالمستعمرات اليهودية آنذاك، وكان الأمل حينئذ لدى الشعب الثائر بان القضية لا بد أن تحسم للصالح العربي، ولكن ما قد جرى ما زال يوقظ الألم على امتداد هذا القرن.

في هذا المقال عندما نذكر سلطان الأطرش نسرد تاريخ شعب ووطن، فهو رمز و محطة تاريخية وأحد مناضلي العالم في سبيل الحرية والاستقلال، وهو قائد في الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك، وأول من دخل دمشق ورفع العلم العربي فيها، وهو القائد العام للثورة العربية السورية ضد الانتداب الفرنسي، وهو العامل الأهم إلى جانب كل القوى التحررية في سوريا في إسقاط حكم أديب الشيشكلي وهو أخيرا الزعيم الوطني الذي ناضل لإسقاط مؤامرات التقسيم و التجزئة و الدويلات.

على صهوة غضبة يصول سيف عتيق يقطع أوصال الهزيمة، فتذهب العيون تقذف أنظارا إلى الأمام، و البيرق يعلن انه سيبقى عاليا خافقا يصفع صفحات الفضاء و سلطان في فيلق الجهاد قادم من عزة التاريخ و أمجاد الأمة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

آراء – نتنياهو يعي ما يقول

الدستور 7 / 10 / 1996

استوقفتني كما استوقفت غيري تصريحات نتنياهو مساء الخميس الماضي في لقائه الخاص مع التلفزيون الإسرائيلي ودعوته الفلسطيني لان لا ييأسوا وان لا حرب بعد اليوم وللعمل سويا من اجل السلام .

إن دعوة تهدئة النفوس هذه تأتي على أرضية عرفناها وعاصرناها اليوم وكل يوم وهي أرضية الموقف المتشدد لنتنياهو النهج والدولة والفكر واقصد طموح الدولة العبرية والمشروع الصهيوني وما نتنياهو الشخص إلا جزء من هذا النظام ، وان عدم تقديم أي تنازل عن المواقف المتشددة قد أعطى أكله بشكل فاعل من خلال نتائج مؤتمر قمة واشنطن والتي نستطيع إجمال الادعاء بنجاحه أولا وأخرا بالاتفاق على لقاء عرفات – نتنياهو عند حاجز ايريز في قطاع غزة ، ولعل توقيت افتعال مسألة النفق وارتباط ذلك التوقيت مع عشية الانتخابات الأمريكية ومع مفاصل مسار المفاوضات والتلميح بمفاجأة وشيكة هو نوع من التسويف القاتل الذي يقصد منه وبشكل موضوعي خلق حالة من القتل النفسي لدى المفاوض والشعوب العربية حتى يصار إلى تقبله لظروف حل يضمن امن إسرائيل وطموحها وذلك بأقل التنازلات من الجانب الإسرائيلي.

إن ممارسة التسويف القاتل والقتل النفسي هو نهج يمارس على الأمة العربية اتضحت معالمه بشكل أوضع منذ أزمة الخليج حيث لعبت الأزمة حين ذلك دورا هاما في تحريك مسألة الشرق الأوسط ، وما تريد أن تسمعنا إياه إسرائيل حاليا هو أن حتى صيغة السلام والمطروحة التي نتعامل معها رغم شعورنا بالإجحاف المفرط حتى تلك الصيغة يناور الجانب الإسرائيلي باستبدالها بصيغة تتجاوب بشكل اكبر مع طموحه وأطماعه وتتناغم بنفس الوقت مع حالة الضعف والترهل العربي.

إن دخول الجيش الإسرائيلي إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وتأزيم الموقف فعل المقصود منه غايتان :

التذكير بإمكانية قدرة إسرائيل على التدخل رغم كل الاتفاقات الموقعة , وبالتأكيد فانه لا يغيب عن الأذهان بان ما أعطته إسرائيل على ضآلته للجانب الفلسطيني هو عطاء لم ينتزع أو يؤخذ نتيجة حالة من الاقتدار لدى أصحاب الحق المشروع.

وأيضا فان المقصود من حالة التصعيد والمفاجأة المرتقبة هو تمرير رسالة بان إسرائيل تسعى حقيقة إلى فرض شروط جديدة حتى تضمن استمرار المسيرة السلمية ، كان تستخلص بان الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع لم يتنازل بعد عن انتفاضته بل يحتفظ بها قنبلة موقوتة يفجرها متى شاء وليست السلطة الوطنية في موقع الوقوف في وجه ما يعكر صفو أمن إسرائيل.

أن صحت هذه المقولة تكون إسرائيل في طور الإعداد إلى ضمانات جديدة لأمنها من خلال إعادة طرح آرائها القديمة والمعروفة بتصورها في حل هزيل لا يحقق بل ينهي ما يسعى إليه الشعب الفلسطيني لانتزاع حقه بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية  وعاصمتها القدس الشريف.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in العرب الدروز

لقاء دروز لبنان وفلسطين وما له وما عليه

الاثنين 27\8\2001

اشار الشاعر المناضل سميح القاسم  في رسالته الى لقاء التواصل القومي ( لقاء دروز لبنان وفلسطين ) ، الى ان اول تنظيم للكفاح المسلح في فلسطين هو تنظيم ” الكف الاخضر ” الذي اسسه المناضل احمد طافش ومعه سبعة وعشرون مناضلا من دروز فلسطين ، واما حول مسألة التجنيد الالزامي في جيش الاحتلال الاسرائيلي فيشير المناضل سميح القاسم الى ان ” دايفد بنغوريون ” اشترط مقابل بقاء العرب الفلسطينيين على ارضهم عام 1948 بان يخدموا في الجيش ، فكان ان فتح باب التجنيد امام العرب ، حيث تدفق عام 1954 الى التجنيد الآلاف من العرب ، ذعر ( بنغوريون ) من ان يشكل العرب ثقلاً مرعباً في داخل الجيش ، فعدل عن رأيه وبعقلية ( فرق تسد ) طالب بفرض قانون التجنيد الاجباري عام 1956 على الدروز والشركس والكاثوليك والبدو ثم تقلصت المؤامرة لتقف عند حد الدروز والشركس ، الفئتين الاصغر في فلسطين .

في عام 1956 الذي فرض فيه قانون التجنيد الالزامي تأسس تنظيم الشباب الاحرار الذي دعا إلى رفض الخدمة الالزامية ، والمطالبة بإلغاء القانون الذي ادعت سلطات الاحتلال بان المطالبة باستصداره جاء بناء على طلب الشعب حيث ولفت السلطة 16 توقيعا بالمطالبة تحت وسائل مختلفة منها الضغط ، فبدا الشباب الدروز بجمع التواقيع المناهضة للخدمة ، حيث جمعوا ما يقارب 1500 توقيع.

بعدئذ يستمر النضال مسيرته حيث تأسست لجنة المبادرة العربية الدرزية عام 1972 برئاسة الشيخ فرهود فرهود ، وجاء في بيان التأسيس:

” ان المطلب الرئيسي والذي لن نتنازل عنه هو الغاء قانون التجنيد الاجباري كليا وجعله اختياريا أسوة ببقية الشعب العربي الفلسطيني هنا والذي نحن جزء لا يتجزأ منه رغم المحاولات الفاشلة لفصلنا عنه”.

ان العقود التي خلت منذ ان كانت الدولة العبرية بمشروعها الصهيوني التي جثمت على صدر الامة العربية وعلى انقاض آمالها واحلامها ، كانت تضج بالمؤامرات التي خلقتها اسرائيل خدمة لأطماعها ولقد دفع شعبنا العربي الكثير من جراء تلك المؤامرات ، وكان الدروز جزءا من الشعب العربي الفلسطيني الضحية فلقد كانوا الضحية فلقد كانوا ضحية القانون سئ الصيت ، ذلك الكابوس المريب الذي سكنه الليل والنعيق والعفن وليس حسب وانما مورست ضدهم كل اساليب السلب والاضطهاد ، ومصادرة الاراضي حتى اصبحت 80% من اراضيهم مصادرة من قبل الاحتلال ومورست عليهم ايضا سياسة التجهيل والافقار ، ويتبجح الصهاينة بانهم يرتبطون بالدروز بحلف دم ، فكانت السنوات التي خلت منذ منتصف القرن العشرين ، سنوات من المعاناة على شعبنا العربي الفلسطيني سواء من الدولة العبرية او من الخطاب العربي الذي تعامل معهم بقسوة كونهم مواطنين في دولة معادية ، فلم تهدأ يوما عواصف التخوين والتشكك وكما يذكر الاستاذ غازي السعدي في تحليله في ” الرأي ” 24 / 7 / 2001 بان الخدمة العسكرية التي اوقعت العديد من الدروز الذين يخدمون في قوات الاحتلال بالموت يتساوون بالواجبات مع اليهود ، اما بالنسبة للحقوق والتميز فانهم يعاملون كبقية المواطنين العرب داخل الخط الاخضر ، وما زالت المؤامرات الصهيونية تترك بصماتها هنا وهناك على واقعنا وحاضرنا .

من هنا تأتي اهمية العمل الجماعي المنظم والمدروس والذي لا يتجاوز القوى ، شخصيات وآراءها والذي يحمل مسؤولية الوفاء للتاريخ والارتقاء بالفعل الفردي والنضالات المبعثرة والتي نحترمها الى مستوى التيار الذي يدعم مشروع النضال العربي لمواجهة ضخامة الالة الاسرائيلية ففي عقد مؤتمر قومي يتضافر فيه التاريخ وكل القوى والشخصيات الوطنية من اجل ان يكون المؤتمر اداة فعل بالية تخرج من اطار الخطاب والمقال والبيانات السياسية الى رحاب العمل النضالي الموضوعي ضد قانون التجنيد الالزامي والخدمة التطوعية ومصادرة أراضي كافة فئات الشعب الواحد . ودراسة الخطوات العملية الضرورية لوضع الحد للتسلل الصهيوني لابناء شعبنا وخلقه لافواج العملاء الذين بلغوا في الصفة والقطاع 30 الف عميل .

لقد كان لقاء التواصل القومي اجتهاد على الدرب الكفاحي ، ولقد خلق حالة من الحوار في الشارع اتخذ اشكالا وتواترا متفاوتين الا ان الحجم الملقى على كاهل أي مؤتمر لهذا الشأن هو حجم كبير من المهام المسؤولة تنوء بها مقدرة جهود متناثرة ، وممنوع في العمل والاعداد للعمل التاريخي أي محاولة لإنهاء حالة الحوار الايجابي بين الفصائل الوطنية فغير مسموح الانفراد والتفرد والاتهامية والانقسامية.

يستطيع المراقب ان يسجل بعض الملاحظات على اللقاء الدرزي :

  1. عدم مشاركة التنظيمين الفلسطينيين الدرزيين المناضلين منذ منتصف القرن العشرين وهما لجنة المبادرة الدرزية وحركة المبادرة المستقلة ممثلين بالشيخ جمال معدي والاستاذ محمد نفاع وشخصيات وطنية مثل سميح القاسم.

  2. عدم مشاركة دروز الاردن وسوريا رغم ان العرب على اختلاف مواقعهم هم طرف في الصراع مع الصهيونية وليسوا محايدين وهذا ما قد اوضحناه نحن في ” نجمع ابناء بني معروف في الاردن في اكثر من لقاء.

  3. بعض الملاحظات في ادارة اللقاء:

أ . كان الحديث عن مؤتمر وانتقل الى عنوان لقاء التواصل القومي.

ب. كان الحديث عن 3 ايام للمؤتمر وفي النهاية اختتم بشكل مفاجئ بيومين.

جـ . كان الحديث عن حضور 100 من لبنان و100 من فلسطين ، فكانت النتيجة حوالي 100 مجمل الحضور .

د . عدم التعامل مع الاعلام على اهميته في هذا المقام ، فالعديد من الاخبار الصحفية والتغطيات اتت غير دقيقة وكان يمكن ان تكون هناك سكرتارية نشطة تخدم اللقاء من كل الجوانب ، وتتعامل مع الاعلام باداء افضل منذ ما قبل انعقاده وحتى عقد مؤتمر صحفي في نهاية اللقاء يجيب على الصحفيين ويعمل على تصحيح بعض الاخطاء فيما اوردته الصحافة حول مشاركة سورية أحياناً أو أردنية أحياناً أخرى أو من الجولان أو جمال معدي أو تعميم فكرة خاطئة في ان 88% من ابناء الدروز يخدمون الزامياً في الجيش حيث ان هذه المعلومة خاطئة والتصريحات الرسمية الاسرائيلية تشير الى ان حوالي 50% فقط هم الذين يخدمون حالياً والمعادلة حالياً تميل الى مصلحة تزايد الرفض للخدمة.

هـ. رغم الحيثيات الموضوعية التي قلصت وقت اللقاء الا انه كان مأمولا ان يتحدث الاستاذ سعيد نفاع عن تاريخ الكفاح الفلسطيني الدرزي المشرف ضمن الحركة الوطنية الفلسطينية ، لكن اتت رسالة الشاعر سميح القاسم لتعطي ما لم يرد على لسان سعيد نفاع .

يبقى الحديث في بعض الثغرات التي لاحظناها من قبل واثناء عقد اللقاء نوعاً من الترداد السلبي والضرب على المفصل الا اذا اشدنا بكل اعجاب بالمرونة التي اظهرها اللقاء من خلال تصريح وليد جنبلاط او من خلال البيان الختامي حيث تضمن ضرورة حوار القوى الوطنية الفاعلة في الداخل وشراكها وضرورة السعي في سبيل عقد مؤتمر قومي، وبذات الوقت نقول ان تعظيم دور اللقاء لا يحدثه مقال او قصيدة وانما يتحقق بناء على القدر الذي يسعى فيه اللقاء باقتدار لتوحيد الصف الوطني مهما بلغت الصعاب وصولا الى المؤتمر القومي المنشود من اجل خطوات عملية تصعد من وتيرة النضال المؤثر على عصب سلطات الاحتلال وادواتها ومؤامراتها.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in نصوص ادبية

الليالي الصامتة

حماة 1979

… واستقر رأسه اخيراً على حافة وسادة مهترئة ، اختارها من بين اربعه ، كان منهكاً ، فعمله طوال يوم كامل شاق جداً ، طالما وان حمل اوزان ثقيلة يحتاج الى عضلات مفتولة وجسم مليء ، وذلك الجسم المليء قد سئم عظامه الرثة .

اضطجع الفتى على شئ ما ، لا ادري ان كان فراشاً ام شبه ذلك ، ارتأى من ذلك ان يعيد شيئاً من النشاط لجسمه السقيم من اجل يوم جديد ، ومن بين اربعة اغطية انتقى الاربعه ، كي يقنع البرد القارس انه ملتحف غطاءً سميكاً ، اخذ ينظر من نافذة صغيره ، فاذا بالقمر يصارع امواج السحب ، فتارة تغطيه وتارة يقذفها محاولاً الخلاص ، خطر للفتى ان يناجي القمر ، ويشكو له ولكن… هذه المرة ليست عن غرام جارف ، ولا عن حبيب هجر الديار ، ولا عن دموع العشق ، وإنما عن فقر مدقع ، عن قصة مع الفقر والجوع والحب … حب البقاء ، اخذ الفتى يلملم من خبايا ذاكرته ، والداه واخته الصغيرة ، الذين ذهبوا شهداء غارات الفقر اللعين ، لقد كانت طلباتهم كثيرة وسخيفة ، طعام … ماء… ودواء … وحتى الهواء ، لا تلبث اختي ان تأكل حتى تطلب المزيد ، كم كان والدي مملاً فقد كان شلله ضدي ، وتلك العجوز الشمطاء التي لم ألحظ منها سوى جلد أكاد أرى خلاله مقومات أمراض عده ، مرض الجوع ، مرض الجهل ، مرض الفقر ، الفقر … الفقر … وفقر حتى فقر الدم .

كم من الليالي جلس هذا الفتى يستحضر الماضي … ويستحضرة الواقع , فتتحشرج الكلمات وتملأه غصة تتحول دمعة محرقة تترقرق في  وديان مخضبة على وجنتيه .

لننظر اليه هذه الليلة ، لقد انتهت ساعات النزاع وها هو جثة هامدة ، لقد مضى عليه عدة ايام وها هو جسمه كالعادة ، لم يطرأ عليه تغييرات نلحظها فهو قبل موته وبهده توأمان .

غاب القمر وأتى مرة ثانية يرقب الفتى وانتظر مناجاة ، فدهش عندما رأى بين الفراش المهترئ والاغطية الاربعة اشخاصاً كثيرين ، واجمين بلا حراك ، واضطرب وحاول ان يتناسى … ( في الليلة التالية أخبرني القمر أنه لن يستطيع ان يتناسى ذلك المنظر ، وسيحاول ان يحيي الفقراء ولكن… دون فقرهم ) .

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

منبر الرأي – الوحدة الوطنية

الرأي 4 / 4 / 1996

ان المجتمع الاردني يحتفظ بمقومات وحدة وطنية عز مثيلها , تلك الوحدة محصنة بعناصر التاريخ والجغرافيا , تصقلها وتكرسها وحدة المصير ومجموع التحديات التي واجهت وتواجه هذا البلد المكافح , ولا شك ان الخطاب الرسمي والشعبي في الاردن قد اتحد وتناغم من خلال الالتفاف حول شعار الشعب الاردني الواحد وعدم التنازل قيد انملة عنه , ولعل في الوشائج المتنامية القائمة في مجتمعنا ، ولعل في الدعوات الدائمة لتكريسه وفيما يضمنه الدستور والقوانين المرعية والحوارات القائمة بين الاديان خير دليل وشاهد على رؤيا حضارية محددة المعالم تشكل في مجملها دوافع للأصرار على التصدي لكل عبث وعابث ينبغي النيل من صفاء ونقاء صورة الوحدة بكل ألقها وقوة مثلها.

عندما نتكلم عن الوحدة الوطنية نعكس بذلك نبض ووجدان الشارع الاردني حول قدسية ذلك الشعار وهو قاسم مشترك تجمع عليه كل فئات الشعب وتنظيماته المختلفة, ويكاد يكون أي مس به من المحرمات الوطنية التي لا يجوز التساهل بها , ولا يحق لشخص او فئة او تنظيم وبأي صفة او لون ان يحاول المس بهيبتها, فهي ضمانة الاستقرار الذي ننعم به في الاردن, ندافع عنها بأهدابنا ولا نسمح لعقلية التعصب والتفتيت ان تطلق سموم أفكار على عواهنها تمزق وتسئ وتشوه, فتلك العقلية بكل أشكالها لا تقف عند حد معين بل تستمر في نخر الجسم الواحد وتخلق التبريرات المختلفة في كل حين لتدلل على شرعية وصحة ما تدعي , واننا لا نبالغ حين نقزل ان التعصب مهما كان مصدره لا بفترق بل ويعتبر وجهاً آخر لعملة واحدة لا تقل خطورة على امتنا من الاستعمار والصهيونية.

إن الأردن يسعى بخطى حثيثة في دروب الحضارة وتكريس دولة القانون , ومع كل خطوة يخطوها تزاد وحدة الشعب رسوخاً وتزداد مصالح كل الفئات التصاقا وتناغما على ارضية المصلحة الوطنية العامة , حتى يكاد يبدو الغد مشرقا خاليا من ظلال تعبير اقلية او اكثرية عرقية او دينية او اقليمية فالكل في هذا البلد يتكئ وينتمي الى البيت الاردني الواحد.

إن دعاة التعصب وأشكاله المختلفه هم أفراد لا ينفكون بين حين وأخر يجدفون يائسين بكل مجاديفهم , يطلون برؤوسهم كلما سنح لهم ذلك ليظهروا بمظهر العارفين والقيمين على الحقيقة.

إن الاردن قد شيد وحدة شعبه وعمدها بالدم منذ بدايات الامارة الفتية وخلال العقود الماضية , وإن الشعب في هذا البلد اذ يتغنى ويعتز بتجليات تلك الوحدة لهو مدعو للحفاظ عليها من كل ما يسيئ.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات وطنية

بدون عنوان – مشاعر المواطن وكبرياء الامة

الرأي 23 / 5 / 2001

عندما يشعر المواطن بان كرامة الامة وتاريخها وامجادها ومستقبلها مستهدفة من قبل اعدائها وهم كثر، ينشأ سلوك لديه يهدف بمحصلته الى درء الخطر عن هذه الامة ويلوذ بها عن أي تطاول، ولكن عندما يطول الزمن وتتعدد صيغ العدو واشكاله واساليبه وامتلاكه لامكانات التفوق ضمن هيكلية النظام العالمي المريع ، هنا يتخلق لدى المواطن والامة مزيج من القناعات المبنية على الريبة والتخوف عندها ينمو ثمة احساس بالهزيمة والتراجع وتفوق الاخر على حساب امكانات الفعل والاقدام ، وبين هذا وذاك ينكفئ المواطن على ذاته ويأخذ بتضييق دائرة اهتمامه من الاحساس العظيم بمسؤولية الذود عن كرامة الامة وشعاراتها العظيمة الى مستوى التربية الفردية القائمة على انعزالية تامة قوامها اتهامية وعجز وافراط في دفاع غير مبرر عن الكرامة ليس ضد الاعداء الحقيقيين ولكن من خلال تصوير الاعداء في شخوص من حولنا او على جنباتنا .

هذه العقلية الاتهامية التي تذهب الى الحدية في الطرح يجب تفويت الفرص عليها في سعيها للنيل من نسيج المجتمع ، وذلك بأن نعمل على الاشارة لموطن الخلل والعمل على اصلاحه بروح من المسؤولية .

كل تلك تداعيات اقودها هنا ادعها تدرج عل سطح القرطاس لتسعفني في اعلاني بأن مصلحة الامة تقتضي بان تناى هي بالكرامة والمشاعر العامة والذوق العام عن كل ما يسئ لها او يتعرض لها بسوء، ومن هنا قد يكون البدء للبحث في مستقبل الوطن والامة.

كان هذا التصوير وهذا المقال حين كنت سائرا في السوق فلفت انتباهي مجسم امرأة(مانيكان) لعرض الالبسة النسائية بمظهر غير لائق لا فرق بين عرضها أو عرض أي صورة فاضحة في الاماكن العامة وبينما كنت سائرا افكر في هذا ما لبثت ان وجدت نفسي في غابة من الاحذية معلقة فوق وبين كل المارة ومشاعرهم تتدلى من اعلى الرصيف الذي تملكتة البلدية كما هو معروف، في حين انه لا يمتلك التجار حق الاعلان عن بضائعهم بهذه الصورة غير اللائقة، والتعدي على الاماكن العامة التي لا يجوز احتكارها من قبل احد.

ما هو مدعاة للاستهجان هو امعان موظفي الجهات المسؤولة في مطاردة صغار الكسبة وعرباتهم ولقمة عيشهم وبذات الوقت السكوت وغض الطرف عن كل تلك المناظر المنفرة المؤذية للذوق العام المستهتره بمشاعر المواطن وكبرياء الامة…

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter
Posted in مقالات محلية

وجهة نظر – مؤسسة شومان.. الدور والاداء

الرأي 31 / 10 / 1996

في هذه العجالة اريد ان اسجل اعجابي بالاداء الرائع لمؤسسة عبد الحميد شومان كمؤسسة تتبوأ مكانة مرموقة ليس على المستوى المحلي فحسب وانما على مستوى يشمل اكثر من حدود الوطن ، وتقاتل بالقلم نيابة عن كل الفئات في سبيل قضايا الامة وهموم الشعب ، فللمؤسسة دور هام ندركه ونحن في عصر المعلوماتية في تكوين مخزون ليس بقليل من المعلومات تحريضا للولوج في متتاليات البحث والاستقضاء . وفي احياء وتشييد الثقافة القومية والوطنية ، ورفع سارية الثقافة الجادة والتجديف في هيجان خضم من الثقافة الهابطة حيث استطاعت مؤسسة شومان عبر برامجها وندواتها واستضافاتها ان تخلق جمهورا من نوع خاص يتابع تلك البرنامج ، ويتتبع الاثر في سبيل سماع محاضرة  او متابعة فيلم او كسب معلومة ، حتى تكاد ان تتكون لذلك الجمهور تقاليد خاصة تنمو مع امتداد العلاقة بتلك المؤسسة لتصبح مسلكا يحكم العلاقة اليومية لاولئك الافراد.

ما الطف ان نتعلم تقاليد الحوار والتمحيص والتدقيق والبحث ، ومن ثم الارتقاء بالذهن الى مستوى الاصالة في الثقافة التي تحترم الذوق العام وتسعى لتهذيبه وتدفع باتجاه الاهتمام بالهموم العامة ، وما اجمل سبر الاغوار بحثا عن الحقيقة ، والتمسك بقضايا الامة ، وكم هو جدير بالاحترام ان نحيي ذكرى من قد مضى من رموز الامة وبناة فكرها ، فما كان قبل ايام من تأبين احمد بهاء الدين المفكر والمناضل الا جزءا من المشروع القومي ، تنهض به باقتدارمؤسسة شومان ، وما كانت الكلمات التي القاها مجموعة من المفكرين من الاردن وسوريا ومصر الا تجسيدا واعمالا لذلك الفكر ، وما قد سمعناه بكل تأكيد كان كلاماً يليق بذلك الفقيد.. فقيد الامة.

ولعل الدكتور اسعد عبد الرحمن الباحث بحرص دائم عن وجبات متلاحقة يقدمها لضيوف مائدة شومان قد وجد في التفكير بدراسة احياء الذكرى الخامسة عشرة لوفاة المناضل العربي الكبير سلطان باشا الاطرش القائد العام للثورة العربية السورية ضد الاحتلال الفرنسي مناسبة تليق بهذه المؤسسة وتقاليدها ، ووجد في مؤسسته العتيدة ساحا لسيف سلطان الذي قد رحل ، وخيله الغاضبة.. وذكراه الثائرة.

Share this:
Share this page via Email Share this page via Stumble Upon Share this page via Digg this Share this page via Facebook Share this page via Twitter